للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وطور يطرد هذه الأوهام والوساوس والأباطيل ويبرئ ساحتها من هذا المنكر الفظيع لما يعهده فيها من الأخلاق الحميدة والحب الخالص له. . . في الأمر سرا. . . فمن أتى إذا هذا المنكر؟ فلم يهتك البحث ستار هذا السر الغامض ولا أزاح التنقيب الإبهام الذي يحف بهذا الحادث المهيب.

وكان يرجع حينا إلى ذكر (بلاتو) الذي بعثه معه بيروس المخلص على ما يعتقده وكيف مات بلا ذنب ولا حرج وهلك ضحية تلك المؤامرة السرية فيتخيل كأنه أمام الكاهن يؤنبه على موت البار. . . وهو لا يحير جوابا ولا يتمكن من تحمل الأعذار.

وكان في الطريق كله مشتت الأفكار قلق البال. ولا تفارق أشباح ذلك الحادث مخيلته، فكان يكرر أقوالا متقطعة. . شميرام. . السم في الزاد. . . بلاتو البار. . . موت ظلم وعدوان. . بيروس المحسن. . . غموض في إبهام. . . في أسرار تكتنفها الظلمات ولم يجد تسلية إلا في ذكرى حتراء. . حتراء الحبيبة.

بعد أربعة عشر يوما من مغادرة بابل وصلت القافلة إلى نينوى.

رأينا شميرام قد عدلت عن الاستسلام لسلطان الهوى ورأت في الغرام ذلا تأنف النفس الأبية من الرضوخ لقضائه فحكمت العقل على القلب واستولت على الشعور بسمو المدارك. فوجدت راحة وهناء وسلاما في نفسها وأخذت تطالع الرقم وتلتقط منها شوارد الحكمة وآيات الرشد.

وكان لها ولع خاص برقيم مدونة فيه حكم السلوك فكثيرا ما كانت تردد في فكرها ما تعلمته

منها فتقول: لا تغيب. تكلم بما ينزهك. لا تقذع. تكلم باللطف. من يغتب ويقذع يزره شمس على رأسه - لا تتبجح، احفظ شفتيك - أن غضبت لا ترفع صوتك - التكلم في ساعة الغضب يورث الندم - وبالسكوت دار حزنك - تعلم الحكمة من الرقم (الألواح) - مخافة الإله تولي نعمة -

<<  <  ج: ص:  >  >>