للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشاغل لا لأهالي الفرات فحسب بل لساسة العراق وحكومة الأستانة من ورائهم.

زرت سدة الهندية غير مرة فلم اقض فيها وقتا كافيا لدرس طرق توزيع المياه وتعبير السفن وترتيب المناوبة كالوقت الذي صرفته هناك في بحر كانون الأول من سنة ١٩٢٧ فقد بقيت هناك مدة طويلة استطعت فيها أن اقف على ملاحظات دقيقة لا أعتقد أن قراء لغة العرب الزاهرة في غنى عنها.

(أقيم سد السر وليم ويلكوكس على أثر انهدام سد المسيو شندرفر الافرنسي فوق أرض تبعد ألف متر عن السد القديم وهو أعظم بناء شيدته يد البشر في بلاد الرافدين حتى ألان. والواقف عليه اليوم يدهش دهشا عند رويته ضخامة ذلك الأثر وهندسته وتبويبه والطرق الفنية المتخذة لرفع الأبواب لتوزيع المياه وتعبير السفن وغير ذلك مما يدهش العقول: طول السد أكثر من ٢٥٠ مترا وعرضه بين الطوارين ٤ أمتار وعدد الأبواب التي فيه ٣٦ وعرض كل منها ٥ أمتار وهذه الأبواب من المعدن وتنزل إنزالا كما ينزل السيف في

القراب. واقربتها من الآهين (الحديد المصبوب) وتنزل فيها بواسطة آلات خصوصية تقام على الاطورة (التيغ) من جهة صدر النهر تسمى مرافع (جمع مرفعة) ويكون ارتفاع منبسط الماء الذي يمر خلال هذا السد ٦ أمتار في وقت الفيضان ويدفع ٢٦٠٠ متر مكعب في الثانية وعرض كل عمود من هذا السد متر ونصف وطوله عند قاعدته ١٣ مترا والسد كله مبني بالطابوق وبالملاط (الشمنتو) ولقد صنع له أكثر من ١٢ مليون آجرة واتخذت الأسس من اللياط والملاط ولم يستعمل فيه من الحجارة إلا حجارة هيت وذلك لتقوية بعض المنحدرات منه وعلى الجانب الأيسر من السد درقتان متتاليتان عرض كل منهما ٨ أمتار وطولها ٥٠ مترا لتتمكن السفن من العبور من جانب السد إلى الجانب الآخر منه).

وطرق عبور السفن من جانب إلى آخر مدهشة وخطرة لان الماء الذي في جهة السد اليمنى يعلو الماء الذي في الجهة اليسرى بأكثر من خمسة أمتار أحيانا

<<  <  ج: ص:  >  >>