للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذه زبدتها: (أني مغرم بشعر شوقي بك. لأنه عصري المغزى، بديع المعنى محكم المبنى. لا يرى في أبياته أدنى ركاكة حتى إنك لا تجد في كل ما نظم ضرورة شعرية واحدة مهما كانت. وإذا تليت قصائده، سمعت أنغام أوتار تذكرك أنغام ملائكة السماء. وكثيرا ما ترفعك تلك الحبرات إلى طبقات علية من الأفكار، لا تجدها في أي شعر كان من الأقدمين والمحدثين، من جاهلين وإسلاميين. والى الآن لم يستطع أحد أن يجد فيما نظم وأبدع أدنى شائبة من أي نوع كان.

فإن كان عندكم ما يخالف مقالنا أو مدعانا فنرجوكم أن تذكروه خدمة للأديب وسعيا وراء إصلاح ما يظن إنه لا يناله ارفع انتقاد.

فكتبنا إليه ما هذا معناه: (الأذواق قد تختلف في الناس اختلاف صورهم ووجوههم وسحناتهم. وإذا اغرم أحدنا بشيء فهذا لا يدل على أن سائر الناس يغرمون به، فلك ذوق ولغيرك ذوق آخر، أما نقد (الشوقيات) فلا نتعرض له، ما لم يهد إلينا أحد نسخة منها أو يكتب أحد في هذا الموضوع نقدا نظنه صائبا (فندرجه له).

فلم يرد علينا الفاضل بكلمة، وألان قد أتحفنا أحد الأدباء بنسخة من هذا الديوان وطلب إلينا أن نبدي رأينا فيه. ولما كان الكتاب كثير القصائد ويصعب علينا أن ننقدها جميعها إذ لا يسعنا الوقت ولا يمكن أن نرصد صفحات كثيرة من مجلتنا هذه لمثل هذا الموضوع الذي لا يفيد إلا جماعة من القراء أخذنا أول قصيدة من تلك المجموعة وآخر قصيدة منها ثم أوسطها فنقدناها نقد مجملا ليكون مثالا لبقية تلك المنظومات ولعلنا ننقد غيرها في فرصة أخرى. فنقول:

نقد للقصيدة الأولى من الشوقيات

لا يخرج شعر شوقي بك في الأكثر من أفكار متناقضة، لا صلة لها بالطبيعة أو الحقيقة التي تستند إليها، وتفاهة وتقليد للقدماء. خذ مثلا قصيدته الهمزية في أول ديوانه فإنها نموذج لكل ذلك. قال: (ص ١)

همت الفلك واحتواها الماء ... وحداها بمن تقل الرجاء

ولا أدري أأنزلت في الماء الفلك التي أقلت من فيها ساعة ركوبهم ليحتويها الماء حينئذ. ألم يكن الماء محتويا إياها قبل أن تهم؟ وهل كان رجاؤهم هو

<<  <  ج: ص:  >  >>