نصبه على الظرفية. فإن أسم المكان المعين تحذف أداة الظرفية منه. وقال فيها،
علمت كل دولة قد تولت ... أننا سمها وأنا الوباء
وليس مدحا لقوم أن يكونوا سما ووباء لآخرين. فهلا قال عوض الشطر الثاني: (أننا داؤها وأنا الدواء). وجاء أخيرا يذكر محمد علي باشا فقال ص ١٩:
رام بالريف والصعيد أمورا ... لم تنل كنه غورها الأغبياء
رام ناجيهما وعرش المعالي ... ويروم العظائم العظماء
وحتى الآن لم افهم ماذا جعل (ناجيهما) فاعلا لرام أو مفعولا، وعلى كل وجه لا يستقيم المعنى إلى أن قال (ص ٢٠):
الثم السدة التي أن أنلها ... تهو فيها وتسجد الجوزاء
جعل هوي الجوزاء وسجودها في السدة جزاء للثمه إياها ولعل هذا من ابتكاراته. والبيت فيه سخف. والقصيدة مائتان وتسعون بيتا يقلد فيها شوقي البوصيري في همزيته. وقد ركب في كثير من أبياته الشطط والضرائر القبيحة ونهج منهج القدماء ولم يلحقهم. وهي من قصائده التي يعدها المحافظون أية في. . .؟! البلاغة (!). ومن حظ مصر أن انتبه في آخر الوقت الفريق المتهذب من أبنائها فأخذوا يرجعون بشوقي إلى الصف الذي هو جدير به بين الشعراء.
نقد قصيدة في الوسط وهي قصيدة (وداع اللورد كرومر)
وخذ مثلا قصيدته (وداع اللورد كرومر) (ص ٢٠٩)، فانك ترى الذل فيها باديا في سياق لوم اللورد وتبكيته، مما ينافي شعور أمة تتطلب الاستقلال وتريد نزعه من أيدي غاصبيه. وقد ذكر في معرض التبكيت الذين ساسوا مصر قبله مستبدين غير مسؤولين، كأنه يسجل على مصر كونها لم تحكم نفسها بنفسها. مما ينافي ما هو بصدده من أباء المصريين للاستبداد. قال:
أيامكم أم عهد إسماعيلا ... أم أنت فرعون يسوس النيلا
أم حاكم في أرض مصر بأمره ... لا سائلا أبدا ولا مسؤولا
يا مالكا رق الرقاب ببأسه ... هلا اتخذت إلى القلوب سبيلا
أنظر إلى ما تعرضه عليك هذه الأبيات من الصغار والضعف لمصر، والبأس والقوة للورد: وأنظر كيف يطلب أن يتخذ إلى القلوب سبيلا، كأنه يجهل أو يتجاهل أن التذلل
يزيد القوة قسوة وكبرياء، وقال فيها: