للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أخرى حدثني بها الشيوخ الخرافيين قال: كان في الحلة الفيحاء رجل فقير مملق وكان ذا عيال والدهر عابسا في وجهه. فصمم ذات يوم على أن يشد الرحال إلى بيت الله الحرام وإن يزور بعد ذلك الرسول الأعظم ليشكو له فقره: فذهب مع الركب راجلا ولما وصلوا إلى منتصف الطريق نام الركب ليلته طلبا للراحة، ولما كان الصباح استيقظ الرجل فدهش حين شاهد حية طويلة عظيمة ملتفة حوله. وكان للرجل بندقية ولما تململ للوثوب أشارت إليه الحية أن يتبعها فتبعها حتى وصلا إلى كهف فأشارت إليه الحية بالدخول، فدخل؛ فشاهد عقربا عظيما يتحفز للوثوب على حيات صغيرة، فعلم الرجل أن هذه الحية جاءت تستنجد به لينقذ فراخها من هذا العقرب فصوب الرجل بندقيته إلى العقرب فقتله ففرحت الحية ورفعت رأسها إليه شاكرة ثم ضربت بذنبها

على الأرض مشيرة إليه بالحفر فحفر الرجل وعثر على بستوقة (جرة مدهونة الباطن والخارج) مملوءة ذهبا فحملها وجاء بها إلى بيت الله شاكرا وزار الرسول مسرورا ورجع إلى بلده فقص على وطنييه هذه الواقعة فسموا منذ ذلك اليوم (بيت أبو حية).

وهناك أساطير وخرافات أخرى يضيق بنا المقام عن ذكرها ومن أمثال العوام (لسان الحلو يطلع الحية من الزاغور) أي (الكلام الطيب يخرج الحية من الثقب) ومنها: (حجاية الحية ما تخلص) أي (حديث الحية لا ينتهي) لأنه كلما ذكر أحدهم شيئا منه زاد الآخر حديثا جديدا. ومنها (الحية وراك) يقال لمن تنم كلماته ونظراته عن حسد وتقولها العامة كثيرا إذا شاهدت القرد فيقولون: (شادي وراك الحية). (والشادي هو القرد عند العراقيين)

وقد استظهرت وأنا صغير دعاء من فم إحدى الخرافيات المرحومة (الملاة جدعة) وكانت مهنتها قراءة مأتم الحسين وهو:

أعوذ برب السها والسهية، من كل شر عقرب ورتيل وحية، شجع قرني شجع قرني شجع قرني، يا نوح يا نوح يا نوح، سلام على نوح في العالمين، سلام على طه وياسين.

وكنت قد سألتها ما السها والسهية وما شجع قرني؟! فقالت أن السها والسهية نجمان في السماء يرصدان الحيات والعقارب، وأما شجع قرني فانه

<<  <  ج: ص:  >  >>