للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذين لم يزالوا حتى الآن مكبلين في شعرهم إن في التخيل والكنايات، وإن في المعاني والاستعارات مقلدين بها طريقة السلف الغابرة، اعني شعراء (القرون الوسطى) وآداب الأجيال الماضية، يقتفون أثرها، ويمشون خلفها، ويحذون حذوها جنبا لجنب.

ولم يتملص من أولئك الشعراء، ويفر من تلك القيود الشديدة الاليمة، والتقاليد القديمة، إلا إفراد قليلون، معدودون على الأصابع تمردت أرواحهم على العبودية، وحلقوا بأدبهم الغض في سماء الحرية فخلد لهم التاريخ العربي ذكرا حسنا جميلا. . .

ولما كان الشعراء العاميون اليوم في هذه الإعصار، قادة الأفكار، في جميع الأقطار والأمصار، استحقوا لان نخلد آثارهم الشعرية، الصادرة عن آرائهم الناضجة وأفكارهم الواسعة، فبادرنا إلى تأليف كتاب في جميع أقسام (الشعر) العامي) وأنواعه وأساميه ومصطلحاته، ليكون أثرا خالدا بعدنا، تتناشده أبناؤنا وحفدتنا عنا، يستشهدونها عند الحاجة، ويقصونها على أقرانهم وأحبابهم لدى الضرورة، ووسمت الكتاب (بكنوز العرب المخفية، في تاريخ آداب اللغة العامية) وجعلت لكل قسم من اقسامه، أو نوع من أنواعه، عنوانا خاصا يليق به وقد وضعت لهذا القسم الذي نحن بصدده مثالا له ووسمته:

بالأغاني الفراتية

الأغاني الفرايتة، هي مهبط الخيال، وقيثارة العواطف، وتسلية الروح، المسكرة للقلوب برناتها الموسيقية والمذيبة للأحشاء والأكباد بصدحاتها البلبلية، ولها (مقامات) كثيرة يستعملها القراء يسمى منها (١) حكيمي و (٢) إبراهيمي و (٣) صبا و (٤) حجازي و (٥) ارفه و (٦) مدمى) وغير ذلك من أسماء المقامات التي يطبقها القراء على تلك (الأغاني الشجية) التي لها أصوات متعددة منها:

(١) (بوب) وهو الصوت المستهجن الذي يشبه صوت البقر ويلفظ

<<  <  ج: ص:  >  >>