وقبل أن ننزع في قوس البحث ونتعهد القسم الأخير من هذا الصرح الممرد وهو اجمل قسم فيه. نغادر هنيهةً هذه الأطلال الناطقة بلسانها الأعجم افصح نطق لنعبر الجادة العظمى ونزور دوارس هيكل الزهرة، وهذا الهيكل يشتمل على فناءٍ صغير ومقدس ومشكاة (روزنة اورشن) كان يضع فيها تمثال هذه المعبودة، وكان التمثال من الذهب الإبريز، وكان قد عقد عليها قبة من الذهب الخالص أيضاً إلا إنها لم تكن عالية. هذا ما نقله إلينا الرواة وثقات المؤرخين ووجد مسطرا في الرقم المكتشفة في تلك الأنحاء. فإذا علمت هذا تصور الآن تألق تلك القبب المتلألئة حينما تشرق عليها الشمس أو تفيض عليها صيب أنوارهما عند تكبدها السماء في بلاد كبلاد الشرق الرائقة الهواء الشفافة الأثير، الناعمة الأديم. وفي قصر طوله من أربعمائة إلى ستمائة مثر في عرض ثلاثمائة متر، وقد تدفقت فيه جميع أعاجيب الكون والطبيعة، وغرائب الصناعة البديعة ومحاسن الزهو الرائعة السنيعة.
وأما مجدل الجنوب الغربي متصل بمجدل الجنوب الشرقي بأبنية فخمة ضخمة، قوراء غراء، مقسومة إلى ردهات وغرف متعددة، وفي هذا الصرح الممرد، وجدت الردهة الكبيرة، ردهة العرش، التي لو كان يجمع فيها هذا الطاغية مجلسه العظيم، ويعقد فيه تلك المقاصد بل المطامع، التي كان غرض مرماها إخضاع الدنيا كلها