للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بغادة لبست ثوبا فضفاضا تخترقها من

الشمال إلى الجنوب جادة طويلة مبلطة مفروشة بالقار ومرصوف جانباها رصفا بديعا فإذا جاءها الليل أنيرت بالمصابيح الكهربية فتؤثر في النفوس أثرا جميلا. هواؤها عذب عليل وماؤها زلال وسكانها مشهورون بكرم الأخلاق وحسن الضيافة. أحصت الحكومة نفوس المدينة عام ١٩٢٨ فكانوا نحو (٢٤٨. ٣٥٠) نسمة.

وقد كانت بغداد هذه حاضرة العالم الإسلامي أيام العباسيين. انبثق فيها فجر العلم والأدب فأضاء بنوره البلاد الدانية والقاصية وبلغت من العمران ما لم تبلغه مدينة في ذلك العصر ودامت حقول العلم ورياض الأدب زاهرة نضرة في حين أن الأمم التي لم ترشف من حياض مدنيتها المترعة ولم تقتطف من ثمار جناتها اليانعة. كانت تتسكع في مجاهل الضلالة وتتخبط في دياجير العمى. ولكن النكبة التي منيت بها على يد هولاكو التتري عام ٦٥٦ تركتها قاعا صفصفا لا يرى فيها بعد تلك العظمة والجلال. والزخرفة والبهاء غير الدمار والبوار ولعل الهمة الناشطة اليوم في تعبيد طرقها وتشييد المباني الضخمة فيها ستعيد إليها رونقها الغابر وعزها المندثر.

أسسها أبو جعفر المنصور عام ١٤٥ هـ على الجانب الغربي من دجلة في بادئ الأمر ثم أتم بناءها على الجانب الشرقي فتمت في سنة ١٥٧هـ وقد بناها واتخذها مقرا لخلافته بغضا لأهل الكوفة وتجافيا عن جوارهم وهو الذي وضع أول لبنة فيها بيده.

وقد اختلف المؤرخون في أوجه تسمية بغداد بهذا الاسم: فمنهم من قال إنها (أي كلمة بغداد) تفسير كلمة بستان لرجل فباغ بستان وداد أسم رجل ومنهم من قال بغ اسم صنم وذكر إنه اهدي إلى كسرى خصي من المشرق

<<  <  ج: ص:  >  >>