(وفيات ج ١ ص ١٨٠). هذا فيما لو صح إن هذه القبة وهذا القبر لها وهو أمر لا يتفق والتاريخ لأن ابن الأثير يقول (ص ٢١٤ و ٢١٥): (إنها دفنت في مقابر قريش). وإن أبا يوسف توفي سنة ١٨٢ هـ فهل كان دفنه تحت القبة قبل دفن زبيدة أم كيف كان الأمر؟ ولذا اضطربت من هذه الملاحظات لشدة وقعها في نفسي وقلت متعجبا: كيف فاتت العلماء والمؤرخين هذه الحقيقة الناصعة وكيف أخذ الناس بتعظيم قبر دفين مقابر قريش أبي يوسف (نجم الدين الشاعر) واهمين إنه قبر
الإمام أبي يوسف تلميذ صاحب المذهب؟ هذا وقد راجعت كل ما لدي من كتب التراجم فرأيتها كلها تجري على وجه واحد ضاربة صفحا عن ذكر محل دفنه، وقد رأيت في الجزء الثاني ص ٨٥ من كتاب (حماة الإسلام) تأليف المرحوم مصطفى بك نجيب المصري المطبوع بمصر في العشر الأخير من ذي الحجة سنة ١٣٤١هـ ما نصه: (وتوفي (أبو يوسف) سنة اثنين (كذا) وثمانين ومائة (فعزى الإسلام بعضه بعضا بموته) ومشى الرشيد في جنازته، وصلى عليه، ودفنه في مقبرة أهله، في مقابر قريش بكرخ بغداد بقرب زبيدة ومحمد الأمين) أهـ. ففي قوله هذا خبط وخلط في التاريخ، إذ إنه يكذب من عدة وجوه بأدنى تأمل ويكذبه من له أقل إلمام بالتاريخ. فقوله:(دفنه في مقبرة أهله بمقابر قريش بكرخ بغداد) خلاف للواقع لأن مقابر قريش هي اليوم مشهد الإمام موسى بن جعفر (ع)(معجم ياقوت ص ١٠٧ ج ٨) أما كرخ بغداد فقال ياقوت عنه (ص ٢٣٤ ج ٧): (فبين شرقها - كرخ بغداد - والقبلة محلة باب البصرة. وقال ابن بطوطة في رحلته: (وفي الجانب الغربي من المشاهد قبر معروف الكرخي (رض) وهو في محلة باب البصرة) واليوم بين مقابر قريش ومقبرة معروف أي باب البصرة الواقعة في شرقي كرخ بغداد مسافة ساعة ونصف للراجل. واغرب من ذلك قوله بقرب زبيدة