أسدد فمي قبل بوحي بالذي عجزوا ... عن ذكره فزمان البوح مقترب
غاض الكرام وقد غاض اللئام فلا ... نصح يفيد ولا علم ولا كتب
لئن ذكرت رجال اللؤم أحرقني ... جوى كمين وفي قلبي له ندب
أف لهم ولما يبغون من أرب ... مدنس مات فيه العز والأدب
قلوبنا ضعضعوها وهي صابرة ... على الأذى وبنار الطعن تلتهب
تعسا لقوم عتوا صدت بصائرهم ... عن الصلاح وبالتضليل تنتقب
نرى الأذلة ترمينا بقسوتها ... وأنها لفلول الخبث منقلب
غشوا نفوس ضلالات بثوب هدى ... كأنهم نجس بالخز محتجب
هم الذين أضاعونا بخستهم ... يزجون غدرا إلى خبث ولن يجبوا
وا حسرتاه على حر يذوب أسى ... على العروبة والأعراب تحترب
وا حسرتاه علينا إذ سفينتنا ... أضحى بها الجهل ربانا ويا عجب
هذي الجزيرة مجتاحا ومضطربا ... في كل يوم بها حرب ومستلب
ضاع التراث كما ضاعت سعادتنا ... وقد وقفنا فلا غذ ولا خبب
لم يبق من أمتي العظمى سوى لغة ... ظلت على طول هذا الدهر تنتحب
كم أعجمي غزاها وهي آمنة ... وجيشه لجب من عجمة تعب
فانصاع مكتئبا تحدوه خيبته ... والجيش منحطم أعضاؤه تعب
يا سائرا ووجيب القلب صاحبه ... لنا ببغداد من بين القسوس (أب)
أقرأ عليه سلامي خالصا عطرا ... فأنه من معين الحب منسكب
أب عزيز وذو علم ومعرفة ... قضى السنين بسوق العلم يكتسب
حنا على لغة القرآن حنو أب ... على الوليد وعنه تنطق الحقب
له أياد على أبناء يعرب ما ... دامت لغاتهم أثوابها قشب
عقل منير وأخلاق معظمة ... ودربه سيلها للعلم مصطحب
ذاكم (انستاس) معروفا ومرتويا ... من بحر علم وللإصلاح منتدب
عرفته فاضلا من قبل ما نظرت ... عيناي وجها له للطف ينتسب
حلو الحديث دميث الخلق ذو أدب ... عال ومجلسه للعلم منتهب