قد فاتها النطق كالعجماء ارحمها ... ولست أعلم أي السقم آذاها
ويح ابنتي أن ريب الدهر روعها ... بالفقر واليتم آها منهما آها
كانت مصيبتها بالفقر واحدة ... وموت والدها باليتم ثناها
هذا الذي في طريقي كنت أسمعه ... منها فآثر في نفسي وأشجاها
حتى دنوت إليها وهي ماشية ... وأدمعي أوسعت في الخد مجراها
وقلت يا أخت مهلا أنني رجل ... أشارك الناس طرا في بلاياها
سمعت يا أخت شكوى تهمسين بها ... في قالة أوجعت قلبي بفحواها
هل تسمح الأخت لي أني أشاطرها ... ما في يدي الآن أسترضي به اللاها
ثم اجتذبت لها من جيب ملحفتي ... درهما كنت أستبقي بقاياها
وقلت يا أخت أرجو منك تكرمني ... بأخذها دون ما من تغشاها
فأرسلت نظرة رعشاء راجفة ... ترمي السهام وقلبي من رماياها
وأخرجت زفرات من جوانحها ... كالنار تصعد من أعماق أحشاها
وأجهشت ثم قالت وهي باكية ... واها لمثلك من ذي رقة واها
أو عم في الناس حس مثل حسك لي ... ما تاه في فلوات الفقر من تاها
أو كان في الناس أنصاف ومرحمة ... لم تشك أرملة ضنكا بدنياها
هذي حكاية حال جئت أذكرها ... وليس يخفى على الأحرار مغزاها
أولى الأنام بعطف الناس أرملة ... وأشرف الناس من في المال واساها
(على) في مختار الصحاح
جاء في مختار الصحاح (على: حرف خافض يكون اسما وفعلا وحرفا) فأقول إن الحرف لا يكون اسما ولا فعلا. لأن (على) حرف الجر هو غير (علا) الفعل الماضي المتصرف. وقول الشاعر (غدت من عليه تنفض الطل بعد ما) معناه من (فوقه) وهو الصواب ولكن الضرورة ألجأته إلى ذلك. ولو جاز ذلك في النثر لجاز لنا أن نقول (رأينا العدو فهربنا إلى عنه) والسماجة في القول كالح وجهها يسيء الناظرين.
مصطفى جواد