للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أجل أن الدكتور أبا شادي آس للجسوم كما أن شعره آس للنفوس أضيف إلى ذلك دماثة أخلاقه الشهيرة ورقة طباعه الكريمة، وحنان نفسه وإيلاعه بحب الحق، وبساطة يديه، ولباقته الوافرة، وأن امرأ هذا صفاته لقمن بالتعظيم والقدر والاعتداد وأن شعره لخليق بالتبجيل والإجلال والاستعظام لأنه فيض نفس عالية طاهرة ماهرة، وشآبيب قلب طافح بالحق والسلامة والرأفة رأيت لمحا باصرا أن ناسا في مصر نعوا على الدكتور المبدع (طريقته المرسلة المبدعة) بأنها تشذ عن القوافي وتزور عن الوزن وهم ينسون أو يتناسون أن الشعر الحي هو ما كان ملاكه (المعنى الواضح والتعبير السجيح والإرب السامي) فليس الوزن والقافية إلا جلبابين من جلابيب الشعر يلبسهما إياه من أحب ويعريه منهما من لم يحب، أو لم يروا إلى (عبد الرحمن بن حسان بن ثابت) حينما لسعه زنبور وهو صبي فجاء أباه يبكي فقال له حسان: مالك؟ فقال: لسعني طائر كأنه ملتف في بردي حبرة) فقال حسان (قلت والله الشعر) فهذا شاعر الإسلام المخضرم قد أيد أن الشعر شعر من حيث المعنى لا الوزن، ومن حيث الإبداع لا القافية، بل ألم ينظروا إلى (ابنة لبيد بن ربيعة الصبية) لما مدحت الوليد بن عقبة بالأدبيات التي آخرها:

فعد إن الكريم له معاد ... وظني بابن أروى أن يعودا

فقد قال لها لبيد أبوها (أحسنت يا بنيتي لولا أنك سألت) فقالت له (إن الملوك لا يستحى من مسألتهم) فقال لها (يا بنيتي وأنت في هذا أشعر) فهذه الصبية النابغة لم تأت بوزن في قولها الأخير ولا قافية وإنما أرسلته حكمة وجوابا رصيفا فعدها أبوها في النثر أشعر منها

في الشعر المتعارف. فالأديب يدرك من هاتين القصتين مراد العرب بالشعر وهم في ذلك الزمن أي غرة القرن الأول للهجرة ويعلم أن هذا دليل لا يسيخ ولا يتداعى.

في الفرنسية استعارة (أصلية مجردة) تستعمل للكتاب المفيد فائدة عظيمة ونصها الإنكليزي

(أي عرق الفائدة المثرية ينبض) ولعمري أن عرق الفائدة الفنية لينبضن

<<  <  ج: ص:  >  >>