سامية قل من احتذاها في حياته فنحن أحرياء أن نتبع ما عزي إلينا من هذا الأدب الحي.
وإن الدكتور أبا شادي شاعر فحل وكمي مدجج بالسلاح في ميدان الشعر فلا بدعة في أن استنتل من صفة يصاول ويتحمس ويقبل ويدبر فالاسنتال المحكم من صف الشعراء فن برأسه ودال على الإبداع وزيادة الإتقان، وبأي حق يعاب من قطف ثماره اليانعة بيديه وكيف يجبر على اتخاذ سلم أو غيره والقطوف دانية؟
أما حبه لمصره العزيزة فلا يؤثر فيه المدح ولا الذم لكونه قد أستحوذ عليه منذ طفولته فصار كالغرائز أي الانطباعات النفسية التي توجد بوجود صاحبها في الدنيا وأنك لتجدنه يقول في قصيدة (حامد القار ص ٢٥٨):
إن العروبة والكنانة ملتي ... دين يوحده الوفي العابد
فلوطني روحي وكل جوارحي ... ولكم حنيني والشعور الماجد
يكفي لنا النسب العتيد مجمعا ... فجميعنا صيد رماه الصائد
فلا تنشب أن تجل هذا الشعور المبارك النير والاعتراف بحق العروبة وكل من ينتسب إليها وهم الآن فرائس بين الشدوق وأنظر إليه في قصيدة (بعد الفراق ص ٦٧٨) يقول:
نزحت عيوفا عن بلاد أحبها ... تساق بها الأحرار للخسف والضيم
أقمت بها عمرا على الوجد صابرا ... وخلفتها بين التلفت وألام
ذكرت بها بدرا ضللنا لبعده ... فأرسلت توديع الفؤاد على أليم
ولقد صدق القول المأثور (لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحا حتى يريه خير من أن يمتلئ شعرا) فأنت ترى نفس شاعرنا الفحل مضطربة حيرى تغذت بالحب وشربت الإخلاص، وتحلت بالوفاء والهمة فلم تتمكن بيئتها من تحملها.
ثم الحظه في ص ٩١٤ وهو يقول (أيها المصريون اعرفوا واجبكم) فينشد (اعرفوه، اعرفوه يا رجال: اعرفوه).