للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تبحث عن كل من له علاقة بالحالة الحاضرة منذ ابتداء دبيب النهضة في جميع هذه الجهات. إنما تركية ومصر تحتلان الجزء الأكبر منه، ولا غرو فلتركية نهضة بل نهضات أهمها منذ عهد مدحت باشا إلى اليوم. وكذلك مصر فلها مكانها الزاهر في فجر النهضة الشرقية، منذ تلك البرهة السعيدة التي تسلط فيها محمد علي عليها فانبثق من النهضة ينبوعها الأول.

فالبارون يحدثنا عن تركية عن أولى علائقها بأوربة عموما وفرنسة خصوصا فعن حوادث التجدد التي كان مصطفى الثالث أول مضرم لها. فسليم الثالث فالسلطان محمود الثاني ثم عن رشيد باشا الذي بذل جهدا في تحديد بلاده وإنهاضها وهو ممن لا بأس به.

أما الشخصيات البارزة اليوم في نهضة تركية على العموم فثلاث: مدحت باشا وأحمد رضا ومصطفى كمال. فهؤلاء تعاقبوا بالتتالي واحدا تلو الآخر. فكان مدحت وكان أن جد وأبلى وأسقط عبد العزيز وأجلس مرادا وخلعه وملك عبد الحميد طلبا للحصول على فائدة للبلاد. ولكن الأخير لم يدعه يبحث عما هو أفضل لإنعاش البلاد، فنفاه إلى الطائف حيث قتل على الأرجح. وتلاه أحمد رضا صاحب الأفكار المطلقة وأتى بأعمال عظيمة أهمها إسقاط صولة وجبروت عبد الحميد مع طغمته وإجلاس رشاد. ويأتي بعد ذلك الغازي مصطفى كمال من

يعزى إليه الفضل الأكبر في إنهاض تركية من كبوتها بعد أن كادت أيدي التفرقة والخراب والظلم تعمل بها عملها المعلوم. فنعرف حقيقة ما قام به لا كما يتحدث أصحاب الغايات بل كما يدل عليها الدرس والبحث النزيه.

ثم يختم كلامه عن تركية بلمحة عن آداب أهلها العصرية والتعليم العالي بها. وعن بعض مؤلفاتهم العصرية الشهيرة الفلسفية وسواها.

ونأتي إلى مصر فنهضتها تأخذ شرارتها منذ عهد رأس الأسرة العلوية المالكة محمد علي الكبير فأعمال الإصلاح (والترميم) وإرسال البعثات إلى أوربة وقدوم الأساتذة الأجانب إلى مصر ككلوت بك للطب وسيف (أو سليمان باشا الفرنساوي كما يعرف اليوم) للحربيات وفتح قناة السويس في عهد إسماعيل ثم عن الجامع الأزهر فالشيخ عبده والشيخ الطنطاوي فيقظة الإسلام في مصر وعقد المؤتمر في مكة

<<  <  ج: ص:  >  >>