للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المدارس الإناثية في سائر أنحاء العراق ومن الطبيعي أن يكون غير المألوف مرتابا فيه لأول وهلة! ولكن سير العلم قد جرف أمامه كل معارض في غرسه وتعميمه ولو التجأ المعارضون في تشكيل مدرسة البنات في النجف إلى حصن منيع يقيهم تهمة المحافظة على القديم وكراهية التجدد حتى في العلوم لانتحلنا لهم عذرا في مقاومتهم العنيفة العتيدة؛ ولكنهم يزعمون أن الراغبين بفتح مدرسة البنات تحوم الشكوك حول بعض أفرادهم وهذه الشكوك التي تنتهي بهم إلى وجوب المحافظة على الأخلاق العامة هي التي تدفعهم إلى خنق مدرسة البنات وهي في مهدها! وهذا منتهى الضعف في التفكير ولا يقرهم عليه أحد ينزع إلى انتشار العلم وتساوي الفتاة بالفتى معلومات وثقافة، ولو إنهم طلبوا المراقبة من قبلهم على هذا المشروع أو إنهم سعوا لفتح أمثاله من ذي قبل

لقلنا أنهم محقون في دعواهم، أما أنهم يعارضون كل فكرة جديدة وينقمون على المدارس دون أن يتكلفوا عناء الإصلاح ومشقة التهذيب فذاك نتيجته خسران صفقتهم ومضاعفة النشاط للإقبال على هذه المشاريع العلمية الضرورية لحياة عصر الكهرباء واللاسلكي.

نحن نؤيد القائلين بوجوب المحافظة على الأخلاق بصورة عامة - وخاصة أخلاق الفتيات وتعاضد الساعين إلى الضرب على أيدي المفسدين أيا كانت صفاتهم ومنزلتهم - ولكنا في الوقت نفسه نريد من هؤلاء عملا يفيد الصالح العام وماذا يفيد (الصياح) داخل الزوايا والغرف؟؟ وهل كل شيء في الحياة هو المقاومة السلبية لكل مشروع، وهل الأحسن أن تبقى فتاة النجف محرومة من نمير العلوم لأن فلانا وفلانا وغيرهما من الذين يسعون لفتح مدرسة البنات لا يثق بأخلاقهم ولذلك وجب تحريم الدخول إلى قاعة المدرسة؟ ليس هذا كل شيء من المنطق، قولوا نريد هيئة نزيهة ومراقبة شديدة من الأهلين الموثوق بسلامة ضمائرهم للإشراف على هذه المؤسسة الجديدة، ونريد مدرسات فاضلات، ونريد تربية أخلاقية متينة. ونريد وضع برنامج يصون فتياتنا من منازع الأهواء ومن كل عابث يتصدى لهم و. . . الخ فتكون المعارضة وجيهة ومقبولة ونحن أول القائلين بهذا والحاثين عليه ولا نرضى بغيره بديلا أبدا.

إن الزمان اليوم (يا أيها السادة) لا يتسع لما كان يتسع له من ذي قبل جمودا على القديم ومناهضة لكل جديد،

<<  <  ج: ص:  >  >>