للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفي بلاد العرب قطر كله جبال تحيط به الأودية العظيمة العديدة وفيها من الكهوف والأنفاق شيء كثار تأوي إليه قبائل من الأعراب الأوابد والشراذم والشوارد. ولا يبعد أن يكون هؤلاء من أولئك أو أن منتفقة بلاد العرب من منتفقة بلاد الحبشة ونواحيها والله أعلم.

أما رأينا الخاص فهو أن بني المنتفق لم يسموا بهذا الاسم لكون جدهم كان من منتفقة اليرابيع أي محرشها ولا من المنتفقة بمعنى سكنة الكهوف. إنما سموا كذلك لكونهم اتفقوا على التناصر والتكلف اشتقاقاً من الاتفاق لا من الانتفاق. ويؤيد قولنا هذا أن بني المنتفق هم عبارة عن ثلاث قبائل كبار قد اجتمعت متحدة بينها كل الاتحاد وهي: قبيلة بني مالك وبمي سعيد والأجود (الأجود كأفضل لا الأجواد بألف بين الواو والدال) وكثيراً ما كان يفعل العرب والأعراب على التعاقد والتعاهد والتناصر ليكونوا اشد صولة على أقرانهم.

وقد كان ذلك قبل الإسلام وبعده ومن هذا القبيل الأحلاف والأحابيش وقريش وخثعمة والرباب ولعقة الدم والقارة وجمرات العرب ورضفات العرب وجمهرة العرب وتنوخ والضفير (هذه الكلمة تكتب بالضاد لا بالظاء المنقوطة المشالة) والمطيبون وغيرهم ولعلك تقول: إذا كان المنتفق من الاتفاق فكان يجب عليك أن تقول: (المتفق أو بنو المتفق) فمن أين هذه النون في المنتفق إذا كان من الاتفاق؟

قلنا أن العرب كثيراً ما تفك الحرفين المدعمين وتبدل الأول منهما نوناً وتبقي الثاني على حاله. وهذا الأمر معروف عندهم وإن لم يصرحوا

<<  <  ج: ص:  >  >>