للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كان أساس القصر مشيدا باللبن العادي الشكل والحجم بيد أن مقدمته والجدران المقابلة لقناة وللشارع كانت مبنية بالآجر أما لتلقي القصر من العطب وأما لتكون بمثابة زخرفة للعمارة. وقد أزال المنقبون كل آجرة من موضعها وفحصوها فحصا دقيقا غير أنهم لم يقفوا على كتابة - ليستلوا بهم على قدم البناء - وكان ثخن الجدار متر و٤٠ سنتيمترا وذلك في صدر العمارة التي يبلغ طولها عشرين مترا ونصف متر أو نحو ثلثي طولها بينما سائر الجدران ما عدا واحدا أو أثنين منها كان ثخنها مترا وفي رأس كل جدار كانت دعامة سائخة في الأرض نحو خمسة عشر سنتيمترا. هذا إذ لم يكن قائم بازاء الجدار جدار آخر.

لقد وجد الآجر في مقادير جسيمة بين الأنقاض والردم في الغرف بيد أنه كان يكون أوفر عددا لو كان أستعمل بكثرة في البناء الأعلى. إن اللبن المشيد في الجدر القائمة في مؤخر القصر كانت سالمة من العطب على طول عهدها ويظهر أن الآجر اتخذ في وجه الجدارين الظاهرين في الخارج فقط أما ارتفاع الجدران وصورة سقوف وسطوح الغرف فلا نعرف عنها إلا الشيء النزر وذلك لعدم وقوفنا عليها وهي قائمة وعليه نترك الخوض فيها الآن

إلى أجل آخر حينما نقف على عمارة ما في حال الكمال.

إذا أنعم الإنسان نظره في هيئة بناء الدور الحديثة في الشرق يرى أول وهلة حلا لمعضلة الغرف العديدة في القصر وتتبادر أذهانه إلى الغرض من بنائها بهذه الصورة لأن منازل العراقيين منذ الأزمنة القديمة كانت على طراز يكاد يطابق هيئة بناء هذا العصر فإن أخذنا مباني مدينة بغداد مثلا لذلك نراها لا تختلف اختلافا يذكر عن الدور في عصر الشمريين البابليين ففي وسط العمارة يمتد الفناء وعلى جوانبه ترى الغرف منبثة يلاصق طرفا من الفناء جدار يفصل صحن الدار الثانية عن الأولى وتلك الدار كانت تتخذ لسكنى النساء وحجبهن عن الأنظار وتسمى في أيامنا هذه بالحرم. غير أننا لا نوافق الدكتور بانكس في رأيه هذا لأن البابليات كن مطلقات الحرية ولا يختلفن عن الرجال بشيء من ذلك ولهذا نذهب إلى أن الدار الثانية المجاورة للأولى كانت منزلا للخدام يفصلها جدار حتى لا يقفوا

<<  <  ج: ص:  >  >>