ومن المرجح أنه كان أحد رجال الأسرة المالكة فخلف لأبناء القرن العشرين رسائله ولعب أولاده الصلصالية وأثاث منزله الخزفي من قدور وصحون وبراني (جمع برنية) ونحوها وبعض آلهته المنزلية التي كانت تقوم حسب اعتقاد الأقدمين لطرد الأرواح الشريرة والدفاع عن رب الأسرة في النوائب والملمات.
استدل المنقبون في تنقيباتهم على أن مشيد ذلك القصر لم يسكنه وحده بل سبقه أناس كثيرون تعاقبوا في الاستيلاء عليه والسكنى فيه لأن النقابين وجدوا أسسا متراكبة وكل منها يمثل قصرا قائما على أساس خاص من الآجر غير المشوي وذلك على عمق أربعة أمتار ولم يعثر الحفارون على عاديات في طيات الأرض وخلاصة القول أنهم كشفوا أساسا فوق أساس وقصرا مشيدا على قصر آخر وبناية قائمة على متن عمارة أخرى بيد أنهم لم يعثروا على عاديات سوى ما في الطبقات العالية من الأرض.
بحث النقابون ومن معهم من الأثريين في طبقات أرض القصر بحثا مدققا ونقبوا تنقيبا نعما باذلين أقصى جهدهم لعلهم يعثرون على عمد وأساطين منقوش عليها كتابات أثرية تنطق بتاريخ العصور القديمة غير أن أبحاثهم ذهبت إدراج الرياح ولم يفوزوا بطائل وربما تكشف معاول النقابين في المستقبل النقاب وتزيل الغموض عن أمور شتى تتعلق بأنباء هذا القصر الذي لم يدون المؤرخون عنه سوى نتف لا تشفي غليل الباحثين المدققين في عصر يتوق أبناؤه الوقوف على معالم المدنية السالفة للإطلاع على تاريخ الأمم والشعوب الحديثة العهد بنا.
هذا والقرون التالية ستنير الأذهان بمكشوفاتها
٣ - المقبرة
بعد أن انتهى النقابون من عملهم في القصر الواقع في الرابية الأولى ونقبوا آخر غرفة فيه تفرقوا في جميع أطراف الخرائب وكانت الغاية من ذلك العثور على بقعة آهلة بالآثار والعاديات لا تكلف الباحث مشقة عظيمة ولا وقتا طويلا هذا فضلا عن أن امتياز التنقيب في إطلال الدوارس كان مهددا دائما بثورات البدو وبإشاعات ملفقة تلصق برعايا الأجانب فتعرقل مساعيهم وتعطل مشاريعهم بأقل من لمح البصر ولذا رأى رئيس النقابين أن يفرق رجاله بإشراف نظارهم