الإمارة قليلاً فعين وزيراً للعدلية في الوزارة النقيبية الثانية ثم وزيراً للداخلية في الوزارة النقيبية الثالثة ثم تولى رياسة الوزارة فنظم وزارته الأولى ثم صار رئيساً للمجلس التأسيسي ثم وزيراً للداخلية في وزارة الهاشمي ثم نظم وزارته الثانية وأسس حزب التقدم الذي لم يزل - إلى آخر ساعة - رئيسه وحامل مبادئه ثم استقال عن (كذا) رياسة الوزارة وانتخب رئيساً لمجلس النواب في دورتين ثم نظم وزارته الثالثة فحل المجلس النيابي وباشر بإجراء انتخاب نواب أنشط وأكثر دربة من نواب المجلس المنحل وذلك تمهيداً لما يريد أن ينهض به من المطالبة بحقوق البلاد.
ولما يئس من الحصول على مطاليب البلاد (رفس الكرسي) واستقال من الوزارة كاحتجاج على التصلب الذي كان يلاقيه في حصول تلك الآمال وكم بذلت جهود وقطعت وعود في سبيل حمله على عدم الاستقالة فلم تطب نفسه لأنه لم يجد فيها بصيصاً لسراج الأمل وهكذا مضت الاستقالة فانتخب رئيساً لمجلس النواب ومن هذا التاريخ بدأت مظاهر التأثر والقنوط تبدو عليه ولكنه كان يغطيها برزانته وابتسامته العذبة وكم حاول أن يغادر العراق وينجو بذلك القلب المثخن بالجراح إلى الآستانة ولكن المقامات العالية حركت نخوته وإخلاصه واستنبضت عرقه الكريم وناشدته بالعروبة والوفاء لها فتحول عن سفر الآستانة إلى نزهة صيفية قصيرة يقضيها في ربوع لبنان وتوجه إلى لبنان وكانت حالة البلاد السياسية متضعضعة تتطلب سياسياً حازماً حنكته التجارب والأبصار شاخصة إلى عبد المحسن والثقة تحوم حوله مرفرفة وهو تحت شجرة الأرز اللبنانية في هذه الظروف
وتفتحت بعض الشقوق من السياسة المصمتة فأرسلت بصيصاً من شعاع الأمل وذلك أثر تقلد وزارة العمال الشؤون البريطانية فاجتذب عبد المحسن بك من لبنان اجتذاباً وعلى أثر حضوره العاصمة كلف تنظيم وزارته الرابعة.
فاشترط في قبولها إعطاء الوعد الصريح من المراجع العالية للحليفة بإلغاء المعاهدات والاتفاقيات وإعطاء العراق كرسياً في مجلس عصبة الأمم بدون قيد أو شرط والدخول في مفاوضات لعقد معاهدة جديدة على أساس الاستقلال التام وأن يسعف في بنود المعاهدة إسعافا يمكن للعراق من الوقوف على قدميه في