للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اصله رب ثم ادخل الضاد ليعكس المعنى فقال: ضرب - وقالوا: رب الأمر أصلحه وأتمه - وضرب بين القوم: افسد فأنت ترى في معنى الأول الإصلاح وفي الثاني عكسه أي معنى الإفساد. ولو تتبعت هذا البحث وأمعنت في قلبه لتجلت لك هذه الحقيقة بكل محاسنها وفتنتك بجمالها.

هذا في الداخلة المنقولة عن (ضد) وهناك دواخل عديدة في اللغتين الآرية والسامية تجري

كلها على هذا المنحى من تحويل المعاني الأصلية إلى معان فرعية جاءتها من الدواخل عليها - دونك الآن الأداة في اللغة الرومانية وفروعها أو بناتها فإنها تعني التكرير والإعادة والمقابلة والمقاومة والعودة إلى حالة قديمة ولغويو الغرب قالوا لنا أنها مقطوعة من الرومانية راجع ص٦٤٤ من تأليف - معجم أصل الألفاظ اللاتينية وبالألمانية

قلنا: أما الكلمة اللاتينية فتدعي بعربيتها (رد) والأصل واضح وقد قلنا أن كاسعتهم من زيادتهم والعربية خالية منها محتفظة بالأصل على وضعه الذي خلق فيه، فإذا كان كذلك فنحن العرب نفتخر بذلك. إلا أن القول بأنها من أصل (رد) لا يوجه جميع المعاني التي ذكرناها فويق هذا. والذي نذهب إليه هو أن الأصل مقطوع من راع يريع بمعنى نما وزاد وبمعنى رجع. وبذلك يصح توجيه جميع المعاني الناشئة في الألفاظ الداخلة عليها الراء المقطوعة من (راع) وأنت تعلم أن الأجوف المقلوب عن الياء كان يلفظه بالإمالة إلى الياء. زد على ذلك أن ليس في اللغات الغربية حرف العين فكان من المحتم أن تلفظ راع بالأحرف الإفرنجية لا غير.

أما في لغتنا الشريفة المحبوبة ألفاظا متوجة بالراء فهذا واضح من كلم كثيرة ترى في لساننا. من ذلك قولهم جس الشيء مسه بيده، والأخبار تفحصها وتقول: رجس الماء: قدره بالمرجاس ولا جرم أن معنى رجس الماء مأخوذ من مسه بالآلة المرة بعد المرة كما أن تفحص الأخبار لا يكون إلا بعد إعادة السؤال مرارا عديدة ولهذا نقول أن الرجس بهذا المعنى مأخوذين من الجس بزيادة الراء الداخلة عليه - وقال السلف: مث يده: مسحها بيده ورمث الشيء مسحه بيده، وقالوا:

<<  <  ج: ص:  >  >>