للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والقمع للرعية وانهم في غير مدارة ولا تقية وان عدا ذلك إلى الكفر وجاوز الضلال إلى الجحد فذاك أضل لمن كف عن شيمتهم (شتمهم) والبراة (والبراءة) منهم على انه ليس من استحق اسم الكفر بالقتل كمن استحقه برد السنة وهدم الكعبة. وليس من استحق اسم الكفر بذلك كمن شبه الله بخلقه وليس من استحق الكفر بالتشبيه كمن استحقه بالتجويز. والنابتة في هذا الوجه اكفر من يزيد وأبيه وابن زياد وأبيه ولو ثبت على يزيد انه تمثل بقول ابن الهعري (الزبعري):

ليت أشياخي ببدر شهدوا ... جزع الخزرج من وقع الاسل

لاستطاروا واستهلوا فرحا ... ثم قالوا يد زيد لا تشل

قد قتلنا الغر من سادتهم ... وعدلناه ببدر فعدل

كان تجويز النابتي (؟) لربه وتشبيهه بخلقه اعظم من ذلك وافظع على انهم مجمعون على انه ملعون من قتل مؤمنا متعمدا أو متأولا. فإذا كان القاتل سلطانا جائرا أو أميرا عاصيا لم يستحلوا سبه ولا خلعه ولا نفيه ولا عيبه وان أخاف الصلحاء وقتل الفقهاء وأجاع الفقير

وظلم الضعيف وعطل الحدود والثغور وشرب الخمور واظهر الفجور. ثم ما زال الناس يتشكعون (يتشكون) مرة ويداهنونهم مرة ويقاربونهم مرة ويشاركونهم مرة إلا بقية ممن عصمه الله تعالى حتى قام عبد الملك بن مروان وابنه الوليد وعاملهما الحجاج بن يوسف ومولاه يزيد بن أبي سلمة فأعادوا (الكرة) على البيت بالهدم وعلى حرم المدينة بالغزو فهدموا الكعبة واستباحوا الحرمة وحولوا قبلة واسط وأخروا صلاة الجمعة إلى مغيربان الشمس. فان قال رجل لأحدهم اتق الله فقد أخرت الصلوة عن وقتها قتله على هذا القول جهارا غير ختل وعلانية غير سر. ولا يعلم القتل على ذلك إلا اقبح من إنكاره (؟) فكيف يكفر العبد بشيء ولا يكفر بأعظم منه. وقد كان بعض الصالحين ربما وعظ الجبابرة (الجبار) وخوفه العواقب واراه أن في الناس بقية ينهون عن الفساد في الأرض حتى قام عبد (الملك) بن مروان والحجاج بن يوسف فزجرا عن ذلك وعاقبا عليه وقتلا فيه فصاروا لا يتناهون عن منكر فعلوه فاحسب تحويل القبلة كان غلطا وهدم البيت كان تأويلا واحسب

<<  <  ج: ص:  >  >>