للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فمن آلم بآداب هذه اللغة عرف إنها كيف خضعت لناموس (التحول) وكيف اختلف باختلاف الأدوار تابعة سير الناطقين بها قرونا متمادية وعرف أيضاً كيف قضى ناموس

(بقاء الأصلح) على الألفاظ الخشنة الوحشية والأصول الضخمة المستنكرة والتراكيب الثقيلة بحيث أصبح الشعراء والكتاب يشمئزون منها وينعون على مستعمليها ما يفعلون. وقد حفظت المعاجم الكبيرة شيئاً كثيراً من ذلك المتاع الكاسد أو اقل من تلك الأعضاء الأثرية في جسم اللغة التي قضت الطبيعة عليها بالضمور، فأصبحت لا وظيفة لها، غير أنها كل وعبء ثقيل على كاهل تلك اللغة الشريفة، ولو دونت تلك الأصول على حدة، أو اصطلح عليها قوم، لجاءت كأثقل ما تتحاماه الطباع، وأنكر ما يطرق الأسماع.

هذا وربما كبر ما نقول على الذين يحبون القديم، لأنه قديم، فنقول لهم: أنا لم نختلف عن سنة السلف من قبلنا، في ما أردنا من هذه العجالة فأنا لنعرف رجالاً من سلفنا الصالح، كانوا يعتقدون بخضوع اللغة لناموس بقاء الأصلح وقد جروا فيما نظموا ونثروا وألفوا على ذلك لا بل الطبيعة اضطرتهم إليه.

ألف أبو الحسن احمد بن فارس اللغوي المعروف المتوفي سنة ٣٩٨ كتاب (المجمل) وهو الكتاب النادر الوجود، وقد قال المؤلف في مقدمة كتابه:

<<  <  ج: ص:  >  >>