(أنه من زمرة العلماء. كان يقضي أوقاته ليلاً ونهاراً في مطالعة الآثار المتداولة (الكتب) واختار العزلة فقنع بها، ولم يمل إلى ما مال إليه أبناء زمانه. وفي خلال ذلك قام بما يجب من خدمة لدوام السلطنة وعزتها ورفعتها ولم يبال بصروف الليالي. ولذا نظم ثلاثة دواوين من بحر المثنوي في إطراء السلطان (السلطان سليمان القانوني العثماني) والثناء عليه. وكل واحد منها مقبول لدى فضلاء الأوان وفصحاء الوقت.
وكان ممن ملك أزمة البلاغة فأنقاد له البيان وصار يعد في مقدمة الأدباء الأفذاذ. وله قصائد فارسية كثيرة في نعت سيد الأنام (ص) وفي مناقب الأئمة الكرام (رض) درجها في ديوان ورتب ديوانا مقبولاً في الغزل لدى أهل العرفان (أدباء المتصرفة وعشاقهم).
قال ذلك وأورد له أبنه عدة مطالع من قصائده الفارسية والتركية بياناً لدقته الأدبية في الوصف والغزل. أما التركية فأنها قديمة لا تصلح الآن للاستشهاد وأما الفارسية فمنها:
منجم كر شمارد اختران دائم رقم كيرد
أكر روى ترا بنيد حساب أزماه كم كيرد
وكرحسن خطت راخوش نويسي در نظر أرد
محالست أينكة ازحيرت دكرد ستش قلم كير
إلى أن يقول:
سيه جشمان بغداد بشمسي رهنمون كشتذ
كه در ملك عرب سازه وطن ترك وعجم كيرد
انتهى
ومعناه أن المنجم أو الفلكي المنهمك بحساب النجوم والمتوغل في تعداها دائماً، لو رأى طلعتك لما تمكن من الحساب ولغط حتى في البدر وعدة ناقصاً، ولو أن الخطاط المتقن الخط شاهد عذار محياك لاستحال عليه أن يمسك بالقلم مما أصابه من حيرة وذهول إلى أن يقول: أن سود الحدق من البغداديين (يريد العرب الموصوفين بنجل العيون) اهتدوا بشمسي الذي أتخذ بلاد العرب