حكم التطور جار على كل أمور الدنيا ولذلك تطورت الفتوة أطوارا شتى فدخل فيها الغناء ورمي البندق وتطيير الحمام للمسابقة وقد دعا ذلك إلى تسطير كتب في انساب الحمام كما ألفوا قبلا كتبا في انساب الخيل ومن براهين ذلك أن عبد الله بن المختار العلوي عين كاتب شرائج الحمام ولم يزل على ذلك إلى أيام المستعصم بالله وقد ضبط أنسابها في الدساتير.
وفي سنة ٦٢٦هـ نفذ (فخر الدين أبو طالب احمد بن الدامغاني) والشيخ (أبو البركات عبد الرحمن) والأمير (فلك الدين محمد بت سنقر الطويل) إلى (جلال الدين منكوبري بن خوارزمشاه) وهو يومئذ على مدينة (خلاط) محاصرا لها ومع هؤلاء تشريفات وكراع ولباس الفتوة، وقد وكل الخليفة المستنصر (فخر الدين بن الدامغاني) والشيخ أبا البركات في تفتيته، وكان هؤلاء الثلاثة المرسلون صادفوه خارج مدينة (خلاط) للحصار فخلعوا عليه ما أرسل به الخليفة إليه والبسوه سراويل الفتوة.
وفي سنة ٦٣٤ حضر (عبد الله الشرمساحي مدرس المالكية بالمدرسة المستنصرية (بالبدرية) عند شرف الدين إقبال الشرابي وأنعم عليه بلباس الفتوة نيابة عن الخليفة) ذكرنا هذه الحوادث ليتحقق القارئ أهمية الفتوة وتنفيذها.
الفتوة في زمن الأمويين
روى أبو الفرج الأصفهاني في ص٢٤٥ ج٢ من الأغاني في أخبار (حنين الحيري) المغني ما نصه: (كان حنين غلاما يحمل الفاكهة بالحيرة وكان لطيفا في عمل التحيات فكان إذا حمل الرياحين إلى بيوت - الفتيان - ومياسير أهل الكوفة وأصحاب القيان والمتطربين إلى الحيرة ورأوا رشاقته وحسن قده وحلاوته وخفة روحه استحلوه) فهذا الخبر يدل على أن الفتيان في ذلك العهد قد عكفوا على التنعم واستهوتهم الملاهي وتمكنوا من الدرز وقد وصف لنا عيشتهم بما رواه في ص٢٤٦ عن حنين نفسه، قال حنين (خرجت إلى - حمص -