الغرض، يريد أن يظهر عجزه ويضحك منه فاستعفى الإمام من ذلك فلم يعفه فتناول عند ذلك قو شيخ من الأشياخ ثم تناول سهما فوضعه في كبد القوس ثم انتزع ورمى وسط الغرض فنصب السهم فيه ثم رمى فيه ثانية فشق فواق سهمه إلى نصله ثم تابع الرمي حتى شق تسعة اسهم بعضها في جوف بعض وهشام يضطرب في مجلسه فلم يتمالك أن قال: أجدت يا أبا جعفر وأنت أرمى العرب والعجم هل زعمت انك كبرت عن الرمي؟ ثم قال: يا محمد لا يزال العرب والعجم يسودها قريش ما دام فيها مثلك لله درك من علمك هذا الرمي وفي كم تعلمته؟ فقال له الإمام: قد علمت أن أهل المدينة يتعاطونه فتعاطيته أيام حداثتي ثم تركته فلما أراد أمير المؤمنين من ذلك عدت فيه، فهذا دليلنا على ما ذكرناه من أن الرمي كان يتعاطاه الشبان ضربا من الشجاعة واللهو ولإقبال الناس على هذا الضرب من اللهو تنوع الرمي ففي ص ٢٥٦ من شرح الطرة قول الحريري:(ويقولون للقناة الجوفاء التي يرمى عنها بالبندق: زربطانة والصواب: سبطانة) قال الشارح: (واستعمال زربطانة واقع في كلام المولدين كقول ابن الحجاج:
به ترمي لحى متعشقيها ... كما يرمي الفتى بالزربطانة
وفي مادة (ح س ب) من المصباح المنير ما عبارته: (وقال الأزهري: الحسبان مرام صغار لها نصال دقاق يرمى بجماعة منها في جوف قصبة فإذا نزع في القصبة خرجت الحسبان كأنها قطعة مطر فتفرقت فلا تمر بشيء إلا عقرته) وقال في ب د ق (والبندق أيضاً ما يعمل من الطين ويرمى به الواحدة بندقة) وقال في ج ل هـ (والجلاهق بضم الجيم: البندق المعمول من الطين الواحدة جلاهقة وهو فارسي لان الجيم والقاف لا يجتمعان في كلمة عربية ويضاف القوس إليه للتخصيص فيقال: قوس الجلاهق) وكان الرماة يتخذون البندق من الحجارة والرصاص ايضا، ونقل جرجي زيدان في ١٥٣: ٥ من تاريخ التمدن
الإسلامي عن ٩٠: ٣ من تاريخ ابن الأثير أن العرب اقتبست لعبة الرمي بالبندق في أواخر عثمان بن عفان (رض) ونقل عن الأغاني ٩٣: ٢٠ أن رماة البندق في العصر العباسي طائفة كبيرة يخرجون إلى ضواحي المدن يتسابقون في رميه على الطير ونحوه، وقال في ص١٥٤ (ومن قبيل رمي البندق رمي النشاب في