مملوءاً بالأصداف النفيسة حتى أن سفيل جلب في سنة واحدة كمية وافرة جداً من اللؤلؤ وكان بينها لآلئ حسنة ذات قيمة عظيمة قادرة الوجود ولكن واهاً على تلك الأراضي الجميلة المزدانة بأنواع الأشجار فقد أصبحت خراباً بعد أن كانت زاهية وذلك اثر ما آتاه فريق من بني البشر من التعديات الفظيعة على سكان تلك البقاع الضعفاء المساكين الذين كانوا يقاسون من الذل والهوان، ما تقشعر له الأبدان، وينفر من سماعه الإنسان.
فكم هندي صار هدفاً لسهام المسيطرين الذين دوخوا تلك الربوع عندما اكتشفها كولمبس العظيم، وكم منهم لم يعط قوت يومه يطوي نهاره وليله صائماً خائر القوى، وكم منهم صار فريسة سائغة لكلاب الماء وتماسيحه المفترسة. وكم منهم ضربه سيده سياطاً ذلك السيد الفاقد المروءة والشهامة حتى مزقت لحمانه واسلت دماءه، وكم منهم انزل رغم انفه ليغطس في البحر ويستخرج الجواهر المدفونة في قعره فغاص مضطراً كارهاً ولم ير نور الشمس ثانية تخلصاً من العذابات الأليمة والقصاصات الشديدة، وكم منهم هرب ولم يوقف له على اثر، وكم منهم نجا بنفسه تاركاً وراءه عائلته المحبوبة تتضور جوعاً، وكم من الأطفال والنساء العاجزات لعبت بهم أيدي العبث والفناء.
فشطوط اللؤلؤ تجردت هناك من أصدافها رحمةً بأولئك الأقوام النحسي الطالع وانتقاماً من ذوي المطامع الاشعبية الذين همهم الوحيد في هذه الدنيا جمع الأموال ولو سبب ذلك انقراض القبائل والشعوب