١٧٨٤) وكانت المصرية يومئذ كثيرة الكلم التركية لمكث الترك في ديار النيل مدة طويلة فكانت تلك اللغة البقطرية ملونة بألوان قوس قزح القومية. فأردف تصحيف اردق لغة في أردك التركية أو أوردك أب البطة. وفون (بالفاء) صوابها قون (بالقاف المضمونة) وهي مقطوعة من قوق (نس) وهو الاسم اليوناني للطائر المسمى بالعربية التم أو الإوز العراقي وأما القوغي فهو القوغو أو القوغى
(وتلفظ بضم القاف والعين) وهو أسم التم بالتركية.
فهذه هي حقيقة أصول الألفاظ التي أدخلها بقطر في لغتنا وتبعه متأثراً إياه كل من نقل عنه كدوزي والأب بلويو وسف حبيش وشركائهم، على أني أقول أن معجم يوسف حبيش الفرنسي العربي هو أحسن الكتب اللغوية الفرنسية العربية، إذ هو قليل الغلط بالنسبة إلى غيره، ومن العجيب أنه وضع بازاء بجعة ج بجع (طائر) يسمى أيضاً ردف (كذا) اه. فكان كلامه كله غلطاً لأن البجعة هي كما ذكرها في مادتها. وردف لا وجود لها إنما هي الأردف التي تعني البطة لا الإوزة العراقية. وأما قوله الردف فالذي ساقه إليه هو أن في الدجاجة التي هي من صور السماء تسمى بلسان العلماء نجما هو ذنب الدجاجة أي المسمى بالإفرنجية أو فسمي الكل باسم الجزء. وهو في غير محله هنا إذ هو من قبيل وضع الشيء في غير موطنه.
فأنت ترى من الجهة الواحدة صعوبة السقوط على الألفاظ الصحيحة العربية للأوضاع الإفرنجية في أي علم أو فن كان. ومن الجهة الثانية أن المعاجم العلمية في حاجة إلى إصلاح دقيق فعسى أن ينهض الأدباء والعلماء في هذا العصر ويضعوا لنا معجماً صحيحاً لتطمئن إليه النفوس فيحسن النقل من اللغات الغربية إلى لغتنا العربية. أننا لا نكر أن صاحب السعادة محمد شرف بك أدى خدمة لا بينة للعالم العربي بوضعه ذلك المعجم الجليل الإنكليزي العربي إلا أنه فاته ألفاظ كثيرة في علم النبات والحيوان والجماد وفي بعض المواطن يحتاج إلى تصحيح. وفي مواضع آخر إلى حذف أو إلى زيادة. ومع هذا كله يبقى تأليفه جبار في اللغة لأنه فاق به جميع من تقدمه في هذا البحث. فعسى أن يعاد النظر فيه مرة ثالثة ليكون أوفى بالموضوع.