للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والابنة فعدلوا عن استعمالها بهذين المعنيين الأخيرين. ونقلوا (البل) إلى صورة (بن) والنون من أقرب الحروف إلى اللام. ومنهم من زادها ميماً في الآخر حتى لا يلتبس على السامع الحرف الواحد بالحرف الآخر فقال: (بنم) وقد ورد في بعض في بعض لغات القبائل، إلا أنهم زادوا في أول بن و (بنم) همزة وصل تمكنا من قطع دابر الالتباس في الأول وفي الآخر فقالوا أبن وابنم.

أما العبريون والأرميون فقالوا في (بل) (بر) بمعنى الابن وقد حفظ بعض السلف منا ذلك في قولهم: ما أدري أي البرنساء هو، وأي برنساء هو، وأي برنساء هو، أي الناس هو، أو بعبارة أدق: أي أبن الناس هو أو أي أبن الإنسان هو. ولم ينشأ من البل (البر) فقط، بل البذر والبزر بفتح الباء، وكلاهما يعني الولد كما تقدم الكلام عليهما.

ومن اللغات التي تنظر إلى لفظتنا (بر) بور بالفارسية وبثرا بالزندية وكذا بالهندية القديمة أي السنسكريتية.

وزاد السلف حاء على أول (بل) فصارت حبل والحبل هو ابتداء خلق الولد في بطن أمه وأبدلت باء الحبل من الميم فكان عندنا (الحمل) ففي كل من لحبل والحمل ثقل. وما يحمله الإنسان يكون عريزاً عليه وفي عزته شيء يشبه عزة الولد.

وإذا رجعنا إلى (بر) ودققنا النظر في ما أخرجت لنا من الألفاظ. رأينا للحال نشوء كلمة أبر يقال: أبر الرجل أبراراً: إذا كثر ولده وغبر القوم كثروا والبر ولد الثعلب - ومن بر نشأ (البرء) و (البرء: الخلق. ومن خلق شيئاً كان له كالولد بل والداً. وكان المخلوق مولوداً. فالبرء ناشئ من (بر) نشوءاً واضحاً جلياً.

وقد تجعل الهمزة في الصدر وتؤصل فيها فيقال: (أبر) وأبر النخل والزرع ألقحه وأصلحه

وابر كل شيء عمله (راجع لغة العرب ٧: ٨٣٩).

وقد تزاد الثاء المثلثة على (بر) فيقال ثبر بمعنى ولد. واللفظة مماتة بهذا المعنى إلا أنها حية في قولهم (المثبر) (كمسكن) ومعناه الموضع الذي تلد فيه المرأة أو الناقة. فهو اسم مكان من ثبر) وكما أنه لم يقولوا (مولد) إلا لوجود ولد، كذلك لم يكن عندنا المثبر إلا لوجود قبر في أول الامر ثم ماتت

<<  <  ج: ص:  >  >>