وما ظهر لهم من سوء مذهبه. . . ويقال: أنه لما تحقق القتل كان كثيراً ما ينشد:
أرى قدمي أراق دمي ... وهان دمي فها ندمي
. . . وكان ذلك في دولة الملك الظاهر. صاحب حلب، ابن السلطان صلاح الدين رحمه الله فحبسه ثم خنقه بإشارة والده السلطان صلاح الدين رحمه الله. وكان ذلك في خامس رجب سنة سبع وثمانين وخمسمائة بقلعة حلب وعمره ثمان وثلاثون سنة. . . قلت: وأقمت بحلب سنين للاشتغال بالعلم الشريف ورأيت أهلها مختلفين في أمره. وكل واحد يتكلم على قدر هواه، فمنهم من ينسبه إلى الزندقة والإلحاد، ومنهم من يعتقد فيه الصلاح، وأنه من أهل الكرامات ويقولون: ظهر له بعد قتله يا يشهد له بذلك) فالجملة الأخيرة تدل على أنه دفن بحلب لظهور كراماته المزعومة على بعض الحلبيين، فضلاً عن أنه لم يجمع الناس على فضل له بسبب نقله إلى بلد مقدس.
ونحن نأسف من جزم بعض العلماء المتأخرين والمعاصرين بأقوال تاريخية ولا سيما في
القبور المجهولة أسماء أصحابها من دون تحقق ولا توثق ولا حجة ولا دليل. وما يتقادع في هذه الأوهام إلا الجاهلون للتاريخ، النابصون في مجلسه بالجهالات. وفقنا الله للحق والصدق وأبعدنا عن إفساد التاريخ والأقوال الباردة البائدة.
مصطفى جواد
أربية لا أرنمة ولا أرنبة
إني ممن يعجب بأشغال المستشرقين وعنايتهم بلغاتنا الشرقية علة اختلافها: لكني أراهم بعض الأحيان يهوون هوياً غريباً في حين أنهم لو أنعموا النظر قليلاً في ما يكتبون لانتعشوا من سقوطهم. ذكر دوزي في ١٩: ١ من معجمه العربي الأرنمة وقال أنها الأرنبة. بمعنى ولو فكر قليلاً لعرف أنها الأربية لا غير.