للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رؤوسنا، ونخرج إلى ملك إسرائيل لعله يستبقي نفسك. فشدوا مسوحاً على حقائهم، وعقلا رؤوسهم وجاءوا ملك إسرائيل. وقالوا: أن عبدك بنهدد يقول: أناشدك أن تبقي نفسي حية. فقال: أوحي بعد؟ إنما هو أخي فاستبشر القوم وبادروا فتلقفوا الكلمة من فيه، وقالوا: أخوك بنهدد فقال: هلموا فخذوه. فخرج إليه بنهدد فأصعده على المركبة. . .)

فهذا نص صريح يؤيد استعمال الأقدمين للعقال وأنهم كانوا يتخذونه تذللا وتقشفاً في يوم البلية ليفرجها الله عليهم فصدق إذن البدوي القائل: أن أجداده اتخذوا العقال تقرباً منه تعالى. لكي لا يسلط على الناطقين بالضاد أجنبياً يذلهم في عقر دارهم (جزيرة العرب) ويسومهم الذل والخسف. إذ مضت ألوف من الأعوام والعرب أحرار في ديارهم. والذين

تسلطوا عليهم لم يكن ذلك لمدة طويلة إذ خرجوا منها أذلاء مهانين يلعنون اليوم الذي دخلوها فيه فكان فرحهم بخروجهم من ربوع العرب أكثر من فرحهم في دخولهم إياها.

وأنت تعلم أن الارمين كانوا في أيام بنهدد قوماً رحل كأهل بادية العرب فكانت عاداتهم وأخلاقهم وآدابهم كعادات الأعراب وأخلاقهم وآدابهم كعادات الأعراب وأخلاقهم وآدابهم. وكذا قل عن أكلهم وشربهم ولبسهم ومقامهم وحلهم وترحالهم فهذا كله كان متشابهاً بين القبيلين، لأن الطبيعة كانت تدفعهم إلى اتخاذ تلك الأمور جميعها بصورة واحدة.

إذن اتخذ العرب العقال كما اتخذه الارميون وكلاهما سامي الرس.

أما عدم تعرض كتب الأدب واللغة والأخبار للعقال فلأن الاسم لا يختلف بين العقالين واتخاذه للرأس أمر مبتذل بين الجميع في كل عصر. وقد ذكره أبو فراس الحمداني (المتوفي سنة ٣٥٧هـ - ٩٦٨م) بقوله (في ص١٠٥ من ديوانه):

لما أجلت المهر فوق رؤوسهم ... نسجت له حمر الشعور عقالا

فهذا صريح لا يبقي ريباً في أن العرب كانوا يستعملون العقال ولفظه لما يشد بالرأس.

وقال دوزي في كتاب الألسنة (ص٣٠٤): (العقال (وضبطها كسحاب وهو غلط واضح فاضح) هذه الكلمة غير واردة في معاجم اللغة. وفي كتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>