للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قبل ذلك اعترفوا بين ظاهر ومقدر بعدة رؤساء عرفوا بلقب (شيخ) حتى قر رأيهم على جعل الأمارة الكبرى في قبيلة غسان. وقد ذكر مؤرخو الرومان واليونان عدة شيوخ لعدة قبائل وفي واحد وكل ذلك قبل إقرار لقب (الأمارة الكبرى لغسان) القبيلة النصرانية العربية المشهورة.

وكثيراً ما كان الرومان يستنهضون العرب وشيوخهم للقيام على أعدائهم - وكانوا الفرس في أغلب الحيان - فكان يثور الشيخ ومعه جيش عظيم وهم في أبلهم في بعض المواقع وعلى جيادهم في مواقع أخرى وهذا إذا كان دفع الخطر مما يجب أن يكون بسرعة عظيمة. أما إذا ذهبوا غازين فكانوا يذهبون راكبين هجانهم.

وكان الشيخ إذا انحطت حالته لضعف ألم به أو لقيام شيخ آخر أدهى منه واشد بأساً كان

الضعيف يبقى في عقر داره ويطلب مطالب جليلة مغتراً بما كان له من العز والأباء حينما كان في سابق العهد آمراً ناهياً ومعترفاً بإمارته. وكذلك كان يفعل أبناؤه.

ولا بد من أن اللقب اليوناني (فلرخس) أتخذه أيضاً الرومان بلفظة في لسانهم. ونظن أن السلف منا جاروا القومين المذكورين وأدخلوه في لسانهم

والذي عندنا أنهم خففوه ليحملوه على وزن عربي فقالوا فيه (فلحس) (كجعفر) بحذف الراء. أما حرف الروم فكثيراً ما نقله الناطقون بالضاد تارة إلى الخاء وطوراً إلى الحاء المهملة. وقد ذكرنا لذلك شواهد فلا حاجة لنا إلى العودة إليها. (راجع لغة العرب ٨: ١٩٠ و ١٩١) أذن نقلوه هنا إلى الحاء المهملة وهذا اللقب كان معروفاً عندهم في زمن الجاهلية.

ومن غريب ما بلغ إلينا من هذا القبيل المثل القديم الشائع عند كثير من الأدباء والمؤرخين واللغويين وهو: (أسأل من فلحس) قال الميداني في مجمع أمثاله (١: ٣٠٥ من طبعه بولاق الأولى): أسأل من فلحس، ويروى أعظم في نفسه من فلحس. وهو رجل من بني شيبان كان سيداً عزيزاً يسأل سهماً في الجيش وهو في بيته فيعطى لغزه. فإذا أعطيه، سأل لامرأته فإذا أعطيه سأل لبعيره. قال الجاحظ: كان لفلحس أبن يقال له زاهر بن فلحس. مر به

<<  <  ج: ص:  >  >>