للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما قسم السهل ففيه أسواق البلد وقيسارياته، ودور الأهلين على الإطلاق وصرح الحكومة الفخم، ومركز الشرطة، وفندق بديع شيد في الآونة الأخيرة. ومستشفى جميل، ومدرسة أميرية بديعة المنظر، ودائرة

للبرق والبريد حسنة العمران، وأخرى للبلدية. وقسم القلعة يعلو قسم السهل بنحو ٣٥ متراً وليس له سوى مرتقيين وفي نهاية كل منهما باب، إذا أوصد استقلت القلعة بمن فيها. وفي نهاية أحدهما. برج عظيم، يدل منظره على أنه كان حصناً للقلعة. وفي ربض السهل، مدينة كبيرة طويلة يحاذيها شارع عام فسيح مبلط وتخترقها أسواق متداخلة، وقيساريات لطيفة، ومقاة كثيرة ولغة الأهلين التركية والكردية على الإطلاق، وبعضهم يحسن التكلم باللغة العربية فيتفاهم بها مع الغرباء.

وقد كانت (اربل) في جميع الأدوار التي مرت عليها، ميداناً لحروب عديدة بين مختلف الأمم، وقد دخلها التتر عام ٦٢٨ هـ فنهبوا بيوتها وخربوا قراها، وقتلوا من ظفروا به من أهلها، فبرز لمحاربتهم، (مظفر الدين كوكبري بن زين الدين كوجك علي) فوجدهم قد رحلوا عنها، فأقام فيها زمناً طويلاً، جدد في خلاله عمارتها، وأقام فيها الأسواق الخالدة، والدور الفاخرة والجنان الغن وصارت له هيبة وقاوم الملوك ونابذهم، حتى هابوه فحفظت بذلك المدينة من شرور الطامعين فيها وقصدها الغرباء. وقطنها كثير منهم حتى صارت مصراً كبيراً. والظاهر أن أكبر حرب حدثت فيها كانت الواقعة التي جرت بين الإسكندر الكبير ودارا مالك الفرس عام ٢٣١ ق. م في سهل جوجماليس المعروف اليوم بكرمليس ونواحيها حيث فر ملك الفرس هارباً فاعترضته بسس أحد قواد الإسكندر وقتله فعرفت الحادثة بواقعة أربل وكانت يومئذ من مدن أشور المشهورة.

ومع سعة هذه المدينة، وأهميتها التجارية وعظمة ثروة أشرافها، فبنيانها وطباعها أشبه بالقرى منها بالمدن واكثر أهلها كرد أستعرب بعضهم وبقي الآخر محافظاً على عنصره ولغته. وجميع سكان رساتيقها وفلاحيها، وما يضاف إليهم كرد، وليس حول المدينة بستان، ولا فيها نهر جار على وجه الأرض، واكثر زروعها وأهلها على الكهاريز المستنبطة تحت الأرض. ومياه هذه الكهاريز عذبة طيبة لا فرق بينها وبين ماء دجلة في العذوبة والخفة ويبلغ عدد الكهاريز فيها

<<  <  ج: ص:  >  >>