للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الشرقية كانت تتلو صلواتها باليونانية أو الرومية أو الارمية أو الأرمنية أو القبطية أو غيرهن من اللغات المستعملات في الشرق الأدنى وترك النصارى ألسنة أجدادهم، مست الحاجة إلى نقل

الكتب المنزلة إلى اللغة الضادية، فنقل علماء اليهود توراتهم إليها وجاراهم المسيحيون في الإنجيل فظهرت الترجمات بين القرن الثامن والعاشر من الميلاد، والمخطوطات التي اتخذت لهذه الغاية كانت في الكنس والكنائس، وكانت روايات النصوص مختلفة لان النساخ كانوا قد مسخوا اغلبها مسخاً في كتابتهم إياها فكان أعلب عناية المترجمين في رد النص إلى اصله الصحيح الفصيح وما كانوا يبالون كثيراً تقريب المعاني من إفهام العوام إذ كانوا يجردون النص من الظلمات التي أحاطت به.

زد على ذلك أن اليهود ما كانوا يقرءون في كنسهم جميع أسفار التوراة ومثل ذلك قل عن المسيحيين فانهم ما كانوا يقرءون جميع أسفار العهد الجديد، أما أسفار العهد القديم فكانوا يطالعون منها الزبور والأنبياء، ولهذا حامت الخواطر حول ما يتلى من تلك الصحف، وأما ما كان في سائر المصاحف فكانوا ينقلون إلى العربية ما ورد من آياتها في الصلوات والأدعية والشعائر الدينية. ولهذا لا يرى في لغتنا نقل كامل للعهدين، ولما حاول بعضهم الحصول على ترجمة كاملة تستوعب جميع الأسفار الإلهية عمدوا إلى الأجزاء المعربة - وكانت لعدة مترجمين ومن عدة لغات - وادمجوا فيها ما عربوه بأنفسهم، وهكذا جاءت الترجمات بعبارات مختلفة السبك والصحة كأنها الثياب القلمونية أو مرقعات الدراويش، إذ ترى في تلك النقول مزايا كل لغة ترجمت منها. ففيها خصائص الارمية والقبطية والعبرية واليونانية والرومية. واحسن مثال لما نقوله مخطوط بريف ولهذا لا يعتمد على النسخ العربية المترجمة إذ نصوصها مترجرجة ورخوة لا قوام لها. على أن النقدة الخبيرين يرون فيها بعض الأحيان نوراً يسطع منها ليضيء لهم في مدلهمات الرواية الارمية المعروفة (بالبسيطة). ومهما يقل عنها، فان لها منزلتها في تاريخ التوراة.

واقدم ترجمة عربية نقلت من العبرية وعرفها علماء العصر هي ترجمة سعديا

<<  <  ج: ص:  >  >>