للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخرافات وواضعي الأمثال على السنة العجماوات. فانهم قد فعلوا ذلك بغية إصلاح الإنسان لا غير. ومهما يكن من هذا الأمر وآراء الماديين والروحانيين فيه، فإننا لا ننظر إليه هنا إلا من جهته عند أهل البديع. فإن هذا التشبيه يضم تشبيها آخر على حد طريقة التشبيه المركب في اصطلاح علماء هذا الفن. إما تول المتشبهين فلا يتضمن شيئاً يوجب الالتفات. وإما الثاني ففيه فائدة لأن العامة تقول: عقل صخل، وعقل اصخول (- صخول) وتريد به أحد

الوجهين. وهما: أما لأن المعز اشتهرت عند العرب بالغباوة - وهو مما لم يثبته الواقع إثباتاً لا يبق مجالاً للريب - فانهم إذا أرادوا التعريض بجهله وظلمة عقله قالوا: هو تيس. وإذا أرادوا الغاية في الجهل والغباوة قالوا: ما هو ألا تيس في سفينة. فأخذت ذلك العامة وشبهت به البليد. - وأما انهم يطلقون لفظ الصخل ولا يستعملونه في معناه الحقيقي بل هو عارية عندهم للزنجي لما بين لوني هذين المخلوقين من المشابهة في اللون. أو لتوحش الزنوج وهمجيتهم.

وهذا التشبيه يساق لمن كبرته المناظر، وصغرته، المخابر، فالرائي يرى المرئي طوله كطول النخلة وعند الاختبار لا يرى فيه من العقل ما يزيد على عقل السخلة. وقد حذفت العامة أداة التشبيه وأقامت المصدر مقامها كما في قولهم: تمر مر السحاب. ومن تشابيههم قولهم:

(مثل البعير، يشيل شكر، ويأكل عاكول)

(ضبط الألفاظ ومعانيها) البعير، بكسر الباء عندهم دائما ولا يفتحونها البتة. وهي لغة قديمة في العراق وغير هذه الديار. قال عمر بن خلف بن مكي: (كل فعيل وسطه حرف حلق مكسور، يجوز فيه كسر ما قبله، أو كسر فاءه اتباعاً للعين في لغة تميم، كشعير ورحيم ورغيف وما أشبه ذلك، بل زعم الليث: إن قوماً من العرب يقولون ذلك وأن لم تكن عينه حرف حلق ككبير وجليل وكريم.). - والبعير للذكر من الإبل. ويسمون الأنثى ناقة (بلفظ القاف كافا فارسية مثلثة) وبعيرة.

(يشيل) مضارع شال ومعناها عندهم رفع وحمل. وهي مأخوذة عندهم

<<  <  ج: ص:  >  >>