للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اصلح من لسانه. قال (قيل) وسمع عمر بن عبد العزيز رض رجلا يتكلم فابلغ في حاجته. فقال عمر: هذا والله السحر الحلال. وقال مسلمة بن عبد الملك أن الرجل ليسلني (ليسألني) الحاجة فتسجيب (فتستجيب) له نفسي بها. فإذا لحن انصرفت نفسي عنها. وتقدم رجل إلى زياد فقال أصلح الله الأمير. إن أبينا هلك: وإن أخونا غصبنا ميراثه. فقال زياد الذي ضيعت من لسانك أكثر مما ضيعت من مالك. وقال بعض الحكماء لأولاده يا بني أصلحوا من ألسنتكم فإن الرجل لتنوبه النائبة فيستعير الدابة والثياب. ولا يقدر أن يستعير اللسان. وقال شبيب بن شبة، ورأى رجلا يتكلم فأساء القول. فقال: يا ابن أخي الأدب

الصالح خير من المال المضاعف. وقال الشاعر:

وكاين (وكائن) ترى من صامت لك معجب ... زيادته أو نقصه في التكلم

لسان الفتى نصف ونصف فؤاده ... فلم يبق إلا صورة اللحم والدم

فحذر يا أمير المؤمنين أولادك (وأوصهم) بأن يتعلموا من كل الأدب فإنك أن أفردتهم بشيء واحد ثم سئلوا عن غيره لم يجيبوا. وذلك أني لقيت حزاماً حين قدم أمير المؤمنين من بلاد الروم فسألته عن الحرب كيف كانت هناك فقال لقيناهم في مقدار صحن الأصطبل، فما كان بقدر ما يحس الرجل دابته حتى تركناهم في أضيق من ممرغة (مراغة) وقتلناهم فجعلناهم كأنهم انابير سرجين. فلو طرحت روثة ما سقطت إلا على ذنب دابة. وعمل أبياتاً في الغزل فكانت:

أن يهدم الصد من حمي (جسمي) معالفه ... فان قلبي بقت الوجد معمور

أني امرأ في وثاق الحب يكبحه ... لجام هجر على الأسقام معذور

<<  <  ج: ص:  >  >>