للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن قوماً تخلقوا بالعادات والخزعبلات، قوم هجر الحياء نفوسهم، فلا ترى فيهم سوى سوء الطبائع، وقبح الأخلاق، والإخلاد إلى سفاسف الأمور، قوم شوهوا محاسن وجه الحقيقة ببراقع الخرافة والمداجاة، بستائر الأقاويل والتمويهات، وألبسوها حلةً غير حلتها الطبيعية.

إن النفوس الميالة بالطبع إلى هذه السفاسف والخرافات، كفى بها شناعةً أنها سقطت إلى حضيض الخسة، وانحطت عن درجات الإنسانية، ومكانة الاعتبار. . .

جارت صروف هذه العادات على محيطنا، فثلمت مجده، وسلبته مزية الفضائل، وأورثته

فتوراً في حركاته تجاه المعالي، قصوراً في همته نحو الفضائل، ضعفاً في قواه، بلادة في شعوره الفطري. . . .

نجمت هذه الخرافات، فكانت صدمةً شديدة على بناء المعارف، صاعقة مجتاحةً لاقتطاف ثمرها الجني، صدعاً متفاقماً في روح الاجتماع، عقبةً في سبيل المدنية والحضارة، أماتت الأذهان الحية، حصرت الأفكار المنورة، ضغطت على الإحساس الحي، نفثت سمها في روح الأخلاق. . .

أصبحت هذه الخرافات الاعتيادية، سداً منيعاً حال بيننا وبين الإصلاح، ووقف بيننا وبين المعارف الحقة، وقتل نهضتنا الأدبية، فقضى على أخلاقنا البسيطة، وشعورنا الفطري. . .

تدرجت هذه الاعتيادات، فاتسعت لها أذهان الخرافيين، وتدحرجت فدخلت قلوبهم، حتى صيرت أذهانهم عشاً لها واهي الدعائم، بل هو (أوهى من بيت العنكبوت). . . مدهشة أنت أيتها العادة. مدهشة سياستك. سياستك تشبه سياسة (الإنكليز) حيث (تدخل في الأذن بغير إذن).

آهٍ آهٍ! أخشى أن نقضي سيطرة الغفلة، فتحل طباعنا، وتقضي على نواميس حقائقنا الخرافات الاعتيادية وعلى لبابها الصافي من القشور!!!

النجف:

محمد باقر الشبيبي

<<  <  ج: ص:  >  >>