للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

٢ - عصر بناء القصر وبانيه

اختلف العلماء كل الاختلاف في اسم هذا القصر، وفي بانيه الأول، وفي القرن الذي بني فيه. فالمهندس الأثري الأديب ديولافوا يذهب إلى أن هذا القصر يرتقي إلى الربع الأخير من القرن السادس للميلاد، أي قبيل العصر الإسلامي. والذي يحدوه إلى هذا الرأي هو قوله: (أن الريازة (فن البناء) وفن تزويق الأبنية كانا قد بلغا أوج الكمال، منذ عصر سامراء، ومن ثم يتضح أن كل بناء عظيم لا ترى فيه الريازة إلا في نيتها أو في نشوئها، فهو على الأرجح سابق للإسلام كقصر الاخيضر في العراق.

أما الآنسة (بل) فإنها لا ترى هذا الرأي، بل تذهب إلى أن هذا القصر أقيم في الصدر

الأول للإسلام.

ووافقها على هذا الفكر الأديب فيوله المذكور، وهو اليوم رأس مهندسي الولاية، قال: (لقد تحققت كل التحقق أن هذا القصر إسلامي كل الإسلام، وهذا ما يظهر من الأساليب والذرائع المتخذة لتشييده. وقد زاد يقيني هذا كل الزيادة، لما نبشت في الأرض نبشاً زهيداً بواسطة المعول؛ وللحال وقعت على محراب في وسط الحائط الجنوبي وهو حائط بهو عظيم، سمته الآنسة (بل) (وقد صدقت تسميتها) بالمسجد. ولو فرضنا أننا لم نعثر على هذا المحراب، فأن استقراءات الأديب ديولافوا، لا تقضي إلى نتيجة تؤيد أن قصر الاخيضر هو غير إسلامي، ولو أنه تفرغ كل التفرغ لإنعام النظر في البحث الذي أنشأنه في هذا الصدد. لأن الريازة وفن تزويق البناء عند المسلمين، لم يبلغا طور الكمال في سامراء؛ بل كانا في حال التكون بامتزاج امشاج اطراز الأبنية المختلفة التي تآصرت فيما بينهما وتآخت. وهذا الأمر من اثبت الأمور، لأن التشابك لم يكن له بعد وجود عندهم. ولو فرضنا أن طرز البناء الإسلامي بلغ قراره في سامراء، فهذا لا يدل على ما يبين لي، أن الأخيضر يسند إلى العصر السابق للإسلام، لأن تزاويقه البنائية هي في غاية النشوء، وهي فيه بعد كالجنين في رحم أمه. نعم قد يحتمل أن غاشية الجص التي كانت تغشى دواخل الحيطان تزيينا لها، قد سقطت عنها على تراخي أستار الأيام على هذا القصر

<<  <  ج: ص:  >  >>