للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السؤال فهم التلاميذ أن الواو تقلب إلى حرف آخر في صيغة الامر، فضلا عن انهم يجيبون ب (لا) أو (نعم) وهو الغالب لان فيه راحة ومكسلة، فلا أعمال فكر فيه، ولا جهد قريحة. ومثله أن يقال للتلاميذ (ألا ترون أن جميع هذه الكلمات التي تدل على الجمع، تزيد عن مفردها لفظاً بالواو والنون؟) فالجواب (نعم). ولا ينجو من هذا العيب التدريسي إلاَّ ذو حظ عظيم.

(٩) وارتباك المؤلفين لاعتمادهم على قلة علمهم، فيضربون مثلا للفعل اللازم: (صبر، واستقل، وجاء) ولا يعلمون انه يقال: (صبره صبراً، واستقله، وجاءه) فشغل أذهان المتعلمين بالأشياء المشتركة وتوريط المؤلف نفسه في ما لم يتحققه مفسدة للعلم والكتاب ومخسرة لأعمار المتعلمين.

(١٠) تفكيك الدروس بعضها عن بعض لان العلم يجب أن يتألف من مفرداته صفوف متصلة بعضها ببعض حتى إذا عرضها صاحبها، مرت كالجنود المجندة وإذا تفرقت وتقطعت كانت كالجيش المتشرد لا قوة له ولا استعداد، فيجب ربط الدروس بعضها ببعض. ومثل عدم الربط تدريس علامات نصب الاسم بعد الاسم المنصوب، يفصل بينهما المرفوع وتدريس الفعل المتعدي بعد المفعول به مثلا.

(١١) الإكثار من الدروس كأن يدرس المتعلم في ستة اشهر (١٢٠) درساً وليس له في الأسبوع إلاَّ درسان وهي تسعة وثلاثون أسبوعاً يستغرقها ثمانية وسبعون درساً جديداً. فمتى يكون الامتحان الشهري وغيره وفي أي فرصة تعاد. وتزاد الدروس التي درسها التلميذ في السنة الماضية عملاً بأن تكون الدروس متوسعة بالتدرج كتوسع حركة الأرجوحة فإنها تتردد إلى مركز الحركة لا تمتد بمرة واحدة. فإتباع الإكثار على هذه الصورة قبيح في تأليف الكتب. ومن جنس هذا النقص تكليف عقل المتعلم فهم معلومات كثيرة في وقت واحد فذاك أسوأ التعليم.

واعلم إني لو تأثرت نقائص المؤلفات والمؤلفين. وأساليب تدريس العربية الوعرة، لجئتك بشيء كثير. هو الذي صعّب العربية على المتعلمين وكرهها إليهم وجعل فهمها من المعجزات.

مصطفى جواد

<<  <  ج: ص:  >  >>