للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إن النبي - صلى الله عليه وسلم - صالح اكيدر على دومة، وأمنه، وقرر عليه، وعلى أهله الجزية، وكان نصرانياً، فاسلم أخوه حريث فاقره النبي (صلى الله عليه وسلم) على ما في يده، ونقض اكيدر الصلح بعد النبي (صلى الله عليه وسلم) فأجلاه عمر (رضه) من دومة، في من أجلى من مخالفي دين الإسلام إلى الحيرة، فنزل في موضع منها قرب عين تمر، وبنى به منازل وسماها: (دومة). وقيل (دوماء) باسم حصنه بوادي القرى، فهو قائم يعرف، إلا أنه خراب.

فقصر الاكيدر إذاً هو بناء نصراني بناه صاحبه على عجلة بعد أن أجلى عن حصنه بوادي القرى. وهو قريب من عين التمر وليس حصن هناك قريباً من هذه المدينة قرب قصر الاكيدر منها.

وأما وجود المحراب في حائط الجنوب، فيعلل بأن المسلمين الذين احتلوا القصر بعد صاحبه، أقاموا فيه محراباً، قياماً بشعائر الدين، كما هي عاداتهم في قصورهم وحصونهم الكبيرة ولا سيما إذا بنيت بعيدةً عم جامع أو مسجد، كما هو الأمر في بادية مثل هذه البادية التي شيد فيها قصر الاخيضر أو الاكيدر.

٣ - سبب تسمية هذا القصر بالاخيضر

قد مر بك أن الاخيضر سمي كذلك من تصحيف العوام للفظة الاكيدر ليس إلا. وأما الذين لم يقفوا على هذه الحقيقة المقررة، فقد ذهبوا في هذه اللفظة ومناسبتها لهذا الحصن مذاهب شتى، منها:

١: إنما سمي كذلك، لأن الاخيضر تصغير الأخضر، وقد أتته الخضرة من عين هناك يبض منها الماء بضاً، فينبت حول القصر عشب، يحسن منظر القصر في عين الزائر، أو تنمو في فصل الأمطار خضرة على حيطانه القديمة، فيظهر كأنه البس ثوباً من سندس أو

إستبرق. وقيل: لأن أرض الحصن خصبة والخصب ينعت بالأخضر، لأن الخضرة هي من أسباب الخصب. ومنه قول العرب: (هم خضر المناكب) أي في خصب عظيم. ومثله: هم خضر المرابع. ومنه قول الشيخ صفي الدين الحلي:

أنا لقوم أبت أخلاقنا شرفاً ... أن نبتدي بالأذى من ليس يؤذينا

بيض صنائعنا سود وقائعنا ... خضر مرابعنا حمر مواضينا

<<  <  ج: ص:  >  >>