للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويغلب على الظن أن طرفه الرفيع أن يثبت في آجر الجدار، والأسد يظهر بصورة بارزة ويتخذ كدعامة؛ ويحتمل أنه كان يوضع في الهيكل لمجرد الزينة.

وبعد أن توغل النقابون في الحفر عثروا على قارورتين من الخزف واقفة الواحدة بجنب الثانية، وأحدهما أصغر من الأخرى قليلا، وشكلاهما واحد وهما منبسطتان وقطراهما كبيران جداً وعنقاهما صغيرتان بالنسبة إلى ضخامتهما وكان حولهما دكة صغيرة مشيدة بالآجر المسنم؛ وقد دفنتا في الأرض ولا يظهر منهما سوى عنقيهما؛ وكانتا مملوئتين رماداً. والآجر يدل على العصر الذي أحرقت فيه تلك الجثث وأودعت هاتين الخابئتين. وكان كل ذلك في عصر الهيكل المشيد بالآجر المسنم؛ فحفرت حفرة عميقة في هذه البقعة لهذه الغاية وقد ملئت تلك الحفرة تراباً لطول الأمد.

هذه وقد تضاربت آراء المنقبين في من أودع هذين الراقودين، فذهب بعضهم إلى أنه رماد جثث كهنة الهيكل وسدنته، وقال آخرون رفات جثث نبلاء البلاد وعظمائها، وارتأى غيرهم أنه رماد بقايا الملوك والملكات أو الأمراء والأميرات، أو رماد رجال ونساء ضحوا بحياتهم على قبر أحد ملوكهم. وهذه كله حدس وتخمين لأنه لم يقف أحد على صفائح منقوشاً عليها أبناء تينك الخابئتين. ويحتمل أنهما أقيمتا مقام مدفن مقدس للأولياء أو الأنبياء الذين نالوا شهرة واسعة في ذلك العهد القديم، كما اشتهر في العراق بعض مراقد الأئمة.

وبات الناس يدفنون موتاهم بجانبهم للتبرك برفاتهم.

وبعد أن أمعن الحفارون في التنقيب في تلك الحفرة عثروا على إناء مركب من كسر؛ بيد أنه أصغر حجماً من الخابئتين المار ذكرهما؛ وفي عنقه شفتان مثقوبتان وضعتا للتعليق وتحت ذلك الإناء كان وعاء آخر صغير ويشبه الخابئتين المذكورتين، وأخيراً بلغت معاول النقابين إلى رمل الصحراء الخالص من الشوائب والأنقاض على عمق ١٣ متراً و٢٠ سنتيمتراً أي تحت آجر هيكل دنحي بثلاث وأربعين قدماً.

ولما بلغ الحفارون مستوى الصحراء لم يعثروا على شظايا وشقف من آنية مكسورة، لأن يد الإنسان الأول لم تصل هناك لتخلف آثاراً تدل على صاحبها

<<  <  ج: ص:  >  >>