للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلنا. إن المؤلف خرج من الحقيقة إلى ما يشبهها فأن ما أراده بقوله: (تاريخ آداب اللغة العربية) لم يصدق على ما أراد أن يبينه بعد ذلك، بقوله: (أن العرب اسبق الأمم إلى هذا الموضوع) فأين كتابه مثلاً في (آداب اللغة) من كتاب الفهرست لابن النديم فهل يقال أن هذا الكتاب الأخير هو تاريخ الآداب للغة العربية. واحسن تفنيد لهذا الزعم أن ابن النديم سمى كتابه (الفهرست) ولم يسمه باسم آخر يحقق بعض ما أراد أن يطلق عليه حضرة

كاتبنا الفاضل ولو انصف لقال: إن العرب ألفوا في تاريخ آداب لسانهم، ما يسهل للباحث أن يؤلف كتاباً يفي بمثل هذا الموضوع. ثم أن كان حضرته قد اقر للعرب بهذا الفضل، فلماذا أنكره على أهل الغرب! وهو يعلم أن لليونان والرومان تأليف تفضل كتاب الفهرست من جهة الموضوع الذي يدور قطب الكلام عليه. ونحن لا نفند قوله من كلام نأخذه من المؤلفين الاغراب، بل يكفينا شاهداً ما قاله هو في كتابه ص ١٥ وهذا نقله: (واقدم الأمم التي دونت تاريخ آدابها وعلومها على نحو ما نحن فاعلون في هذا الكتاب اليونان فقد ألفوا في تاريخ آداب لغتهم غير كتاب وقسموها وبوبوها وانتقدوها.؟ وألف آخرون في آداب اللغة اللاتينية، ثم آداب كل لغة من اللغات الأوربية الحية. . .) إذا لم يكن العرب اسبق الأمم إلى التأليف في هذا الموضوع.

على أن جرجي أفندي زيدان ما أبطأ أن أنكر على العرب أنفسهم هذه المزية التي كان قد أثبتها لهم في أول مقدمته. فلقد قال في الصفحة التالية لمقاله الأول (أي في ص ٤) ما هذا حرفه: (على أن هذه الكتب وأمثالها (أي كتب العرب كالفهرست ونحوه) تعد من المآخذ الأساسية لدرس آداب اللغة، ولكنها لا يصح أن تسمى تاريخاً لها بالمعنى المراد بالتاريخ اليوم.) وهذا هو الحق عينه. ومن كان الأجدر به أن لا يقول ما قال في الصفحة السابقة مما يشم منه رائحة التضاد والتناقض.

كثيراً ما ينتقل حضرة المؤلف من الترجيح إلى اليقين، ويتفق له ذلك على

<<  <  ج: ص:  >  >>