حمود ويلك لا تغررك سابقة ... حمود فانج سريعاً أن ذا عمر
إلى أن يقول عن الشيخ المذكور:
ورام من شومه ملكا يدين له ... ملوك تبع أن غابوا وان حضروا
وغره أن أعواناً له صبر ... على اللقا كل جمع أمهم كسروا
وما درى أن مولانا الوزير أبا ... حفص يبيدهم قلوا وان كثروا
ومضى في مدحه. والقصيدة طويلة. وأبياتها ٤١. وفي هذه الأبيات الثلاثة معنى واضح، فان العشيرة كانت تشعر بقوتها؛ وانه تنزع إلى العلو وترمي إلى الاستقلال، خصوصاً بعد أن انتصرت على الوزير علي باشا. ومهما غالى رجالنا في المماشاة للحكومة لا ينقصون من شأن القبيلة؛ وإنما يبدون حقيقة وضعها وان تجاوزوا في الذم إرضاءً للوزير.
لذا لا نقدر أن نقف على حقيقة التاريخ ما لم نستنطق أناساً كثيرين خصوصاً من كانت نظرته صادقة. وبهذا كشف سليمان بك مكانة هذه القبيلة، وآمالها في وقت كانت السياسة في يد والده ولم يكن بينه وبين الحكومة عداء ما.
ومن العبث أن نحاول تدوين التاريخ دون أن نستحكي الأشخاص العظام، لا الكتاب الرسميين المأجورين، فالنفوس الكبيرة تأبى الكذب، وان غالت في المدح أو الذم.
وأما شعر المترجم بعد وفاة والده، فكاد يكون في حكم العدم. ونأمل أن يوافينا القراء بما لديهم، أو ما يعثرون عليه من شعره، سواء بعد وفاة والده أم قبل ذلك. ولهم الفضل.
وهنا يلاحظ أن الأسباب التي دعت إلى إمحاء شعره في أغراضه السياسية ظاهرة المغزى. لأن بقاءها حينئذ يكون بمثابة دعاية مضرة وتشويق للقيام على الحكومة ومعاداتها.
ولا عجب أن سعت هذه لمحوها، وأماتت كل ما من شأنه إثارة الخواطر، وتحريك الوتر الحساس، ولو بعد موت الوزير وموت الشاوي.