للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالقرى والضياع ترى أخربتها في كل جانب - وترى الآن رواب منخفضة غير منتظمة مبعثراً فوقها عدد لا يحصى من الشقف والآجر وبعض الخرز والأختام الأسطوانية. وترى أحياناً سكاكين الصوان أو قطع من الرقم المسمارية. وكان هناك بلدان عظام ممنطقة بأسوار هائلة يمكن اقتفاء أثرها إلى هذا اليوم. وحكمت كل بلدة في حينها هذه الأراضي، وفي بعض الأوقات أصبحت سيدة العالم المتمدن بأسره، وكانت تلك العواصم غنية جداً لأنها موئل التجارة، فضلاً عن أنها مركز الدين والسياسة وكعبة العلماء والفلاسفة.

وغزا هلاكو وقومه المغول هذه الأراضي قبل بضعة قرون غزوة كادت تقضي على الديار جميعها، لأنهم هدموا القني، فنزف دم المملكة، واصبح العراق مذ ذاك الحين، يباباً وخراباً ثم استأنف الغول سيرهم؛ ولكن قبل أن تتماثل هذه الديار من تلك الضربة، هجم عليها تيمورلنك القهار فأتم خراب ما فات يد هلاكو. وبقي العراق على تلك الحالة. لان الترك لم يقوموا بعمل يذكر في أثناء سيادتها ليرجعوا البلاد إلى سابق عمرانها.

ولم يذكر في هذا الكتيب خلاصة تاريخ أرض الرافدين. وأن كان ذلك بصورة عامة. إذ لا يمكن في أي مختصر كان، بيان عصور هذه الربوع بصورة صحيحة، إذ أقوامها عديدة وتقلباتها غريبة. ولما كان فيها من الأديان والنحل ما اجتمع منها كتلة نشأ منها كل ما في العراق من المزايا المتنوعة. وفي آخر هذا الكتيب جدول أهم الأزمنة مع تواريخها من باب التقريب وقد نقلتها من مؤلفات كنبريج للتاريخ القديم. والتي لاعترف بفضل مؤلفيها. ويطلب إلى القارئ أن يراجع ذلك الجدول حين يتصفح المذكرات المختصرة المختصة بالمواقع التاريخية المتعددة التي يزورها. والملحق الحاوي أسماء الكتب يعين الزائر كل الإعانة ويضيف إلى ما يعرفه من الأمم والأزمنة والأماكن التي يجب الوقوف عليها أكثر من سواها.

وقد اصطلحت في تأليفي هذا (الدليل) على وضعين: الأول، تدل الكلمة (قديم) على الزمان الجاهلية وعليه لم اذكر البلدان المقدسة أو البلدان الني فيها من أبنية المسلمين المهمة سواء أكانت دينية أم غير دينية. الثاني: لم اذكر

<<  <  ج: ص:  >  >>