للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أن ميزان الرطوبة يحوي من بخار الماء في كانون الثاني اقل مما يحويه في سائر الأشهر، (بموجب قياس الضغط الذي يرى فيه) فضغط بخار الماء هذا، هو ٥. ٩ مليمترات في هذا الشهر، وهو أعلى بقليل من ضغط بخار ماء بشاور (وهو هناك ٥ مليمترات) ويعقوب آباد (٥. ٣)، ثم يعظم هذا الضغط متدرجاً، كلما عظمت حالة الهواء، واشتد التبخر؛ وهذا التبخر يتصاعد من انهر الجوار. ولا يقف في صعوده إلا في شهر آب، وهو أحر أشهر السنة في العراق، وحينئذ يبلغ ١٣. ٧ مليمتراً، وهو دون ضغط يعقوب آباد، إذ يبلغ هناك ٢٠. ٨ مليمتراً، وضغط بشاور هو ١٩. ٨ مليمتراً (اغلب هذا الكلام معرب عن السر وليم ولكوكس).

١٢ - خصب أرض العراق وحسن تربته ونظرة عامة في

غلاته سابقاً

قد جمع الله في أرض العراق ما لم يجمعه في غيرها من مرافق الخيرات، وجلائل

البركات. إذ فيها غضارة العيش، وخصب المحل، وطيب المستقر، وسعة المير، من أطعمتها، وأوديتها، وعطرها، ولطيف صناعتها. ولهذا كان ملوك فارس يشبهون العراق بالقلب، وسائر الدنيا بالبدن، ومن أسمائه عندهم: (دل ايرانشهر) أي قلب ايرانشهر، وايرانشهر الإقليم المتوسط لجميع الأقاليم. قالوا وإنما شبهوه بذلك لأن الآراء تشعبت عن أهله بصحة الفكر والروية، كما تتشعب عن القلب بدقائق العلوم ولطائف الآداب والأحكام.

فأما من حولها، فأهلها يستعملون أطرافهم بمباشرة العلاج، وخصب بلاد ايرانشهر، بسهولة لا عوائق فيها ولا شواهق تشبيها، ولا مفاوز موحشة، ولا براري منقطعة عن تواصل العمارة، والأنهار المطردة من رساتيقها، وبين قراها مع قلة جبالها وآكامها وتكاتف عمارتها، وكثرة أنواع غلاتها، وثمارها، والتفاف اشجارها، وعذوبة مائها، وصفاء هوائها، وطيب تربتها، مع اعتدال طينتها، وتوسط مزاجها، وكثرة أجناس الطير والصيد في ظلال شجرها: من طائر بجناح، وماش على ظلف، وسابح في بحر. قد أمنت مما تخافه البلدان من غارات الاعداء، وبوائق المخالفين، مع ما خصت به من الرافدين: دجلة والفرات، إذ قد اكتنفاها، لا ينقطعان شتاء ولا صيفاً، على بعد منافعهما في

<<  <  ج: ص:  >  >>