وقد وقع الجزء الأول في ٤٣٤ صفحة والثاني في ٤٢٦ص. ومع كل هذه المحاسن التي قلما تجتمع في كتاب مطبوع في ديار الغرب أو في ربوع العرب ترى قيمة الجزء الواحد بخسة جداً إذ يكلف كل جزء منقولاً بالبريد وموصى عليه فيه ثلاث ربيات لا غير.
ونظن أنه لا يجوز لخزانة من خزائن الكتب أن تستغني عن مطبوعات الدار لما في هذه الكتب من المواد التاريخية الشاملة جميع البلاد. نعم أن عنوان هذا الكتاب يدل على أنه موقوف لتاريخ القاهرة وملوك مصر. أما الحقيقة فإنه نافع لجميع الأرجاء الناطقة بالضاد. وكفى ذلك شهادة لوجوب اقتناء هذا السفر العزيز.
المجمل في تاريخ الأدب العربي
- ١٣ -
وقال المبرد في ص ٢٩٦: (وفي وكيع بن أبي الأسود يقول الفرزدق:
لقد رزئت بأساً وحزماً وسودداً ... تميم بن مر يوم مات وكيع
وما كان وقافاً وكيع إذا دنت ... سحائب موت وبلهن نجيع
إذا التقت الأبطال أبصرت لونه ... مضيئاً وأعناق الكماة خضوع
. . . الخ)
وقال المبرد في (١: ١٥٥) من الكامل: (وقال الفرزدق يرثي ابنيه:
بغي الشامتين الترب أن كان مسني ... رزية شبلي مخدر في الضراغم
وما أحد كان المنايا وراءه ... ولو عاش أياماً طوالا بسالم
أرى كل حي ما تزال طليعة ... عليه المنايا من ثنايا المخارم
. . . الخ)
من الرثاء العظيم التأثير الهائج للأحزان، فما قيمة قول الأثري في تاريخ الأدب العربي، بل في كل تاريخ؟ ولم لم يترو في حكمه البعيد عن الحقيقة؟
وقال في ص ٢٧٦: (ولكن بعد أن أزودك بشيء من مختار شعر جرير) قلنا: إنه لقمن أن يزود نفسه تعدية (زود) إلى مفعولين بنفسه. فقد علم القارئ أن البنت العربية بنت عبد الملك قد عدته آنفاً إلى مفعوليه بنفسه في قولها (إن يزودنا من شعره أبياتاً) فما أفصح بنات العرب قديماً وما أكثر لحن أدبائنا!! حديثاً.
مصطفى جواد