للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذه المجلة وتجاذبا أطراف الكلام مع صاحبها. ويؤخذ من كلام حضرتيهما، أنهما عثرا على أسماء بلدان وقرى مذكورة في التاريخ، وكان يظن أنها أصبحت في خبر كان، ولم يبق منها اسم يعرف. وقد حققا أيضاً أموراً شتى تخالف ما جاء به الأب لامنس اليسوعي في ما كتبه عن الأخطل وتاريخ بني أمية. لأنه كان كتب ما كتب عن جهل البلاد التي لم يطأها. مما وقعا عليه أيضاً حقائق مقررة عن بلاد العرب كان قد طمسها البرنس الإيطالي كائتاني، في كتابه تاريخ المسلمين أو قلبها ظهراً لبطن، لأنه يجهل تلك الديار. والخلاصة أن هذين السائحين وقعا على أمور كثيرة، من شأنها أن تصلح ما أفسده بعض المستشرقين الذين يضعون أنفسهم فوق ما هم عليه. وسوف ينشرانها خدمة للعلم.

والبرنس الشاب المذكور جاب ديار الإفرنج ومصر والحبشة، ثم رغب في الضرب في ربوع العرب ليتعرف بأهلها، وقبائلها، وعوائدها، وآدابها، فرافق لهذه الغاية، الابيل الدكتور موسيل االنمسوي، وهو من اعظم الناس خبرة بلغة العرب، وتاريخهم، وبلادهم، وأحوالهم، إذ قد تفرغ لها منذ ١٦ سنة، فتوفقا في رحلتهما هذه، وخططا جميع ما رأياه من البلاد، ودونا الحقائق التاريخية، وعثرا على كتابات ورقم كثيرة مفيدة للعلم والتاريخ اعظم فائدة.

وللابيل المذكور كتب كثيرة في بلاد العرب على اختلاف انحائها، وقد شهد له القوم

بمحاسنها، وبما فيها من الأمور المبتكرة التي لم يأت بمثلها من سبقه في تلك الأبحاث.

إلا أنه يسؤنا أن نذكر هنا، أن أعراب شمر غزوها قبل أن يصلا حلب بيومين، واخذوا منهما كل ما كان معهما، ومن جملة ذلك مصور بلاد العرب والديار التي هبطوا فيها، ومجموعة نباتات نادرة لا يعرفها الإفرنج إلى اليوم، يبلغ عددها على ما قيل ٨٠٠ نوع. فذهب الابيل موسيل إلى شيخ شمر واسترجع منه كل ما نهبوه إلا الجمال وبعض الاثاث، وتبلغ قيمتها ١٥٠٠٠ فرنك فقد بقيت بأيديهم. وأما اليوم فأن السائحين قد وصلا محلهما وعن قريب ينشران فوائد رحلتهما. فالحمد لله على سلامتهما وعلى ما عثرا عليه من الآثار العلمية والتاريخية على ضروبها.

<<  <  ج: ص:  >  >>