للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في الأراضي المرتفعة البعيدة عن النهر، الآمنة من الغرق، فتسقيه السماء بما تجود عليه السحب من المياه وهو ما يسمونه (زرع الديم)؛ وكان يسميه الأقدمون (العذي)؛ ولهم نخيل وأشجار لا يصلها سيح ولا مطر، فيشرب بعروقه من غير سقي ولا سماءٍ وهو (البعل). ومن مزروعاتهم الصيفية الذرة، والدخن، والسمسم، واللوبيا، والماش، ويقدر محصولات هذه الأنواع بما يربو على ٨ آلاف تغار. والخضروات، وعنايتهم بها قليلة لقلة أنفاقها أو صرفها وبعد الولاية عنهم. والرقي (البطيخ الأحمر) والبطيخ (البطيخ الأصفر أو القاون) وهذان النوعان مبذولان لكثرتهما هناك، وسهولة إنفاقهما، وفي كل سنة يرسل منهما إلى بغداد قدر جليل، ويبلغ قيمة حاصلاتهما خمسة آلاف ليرة. ومن مزروعاتهم الشتوية القمح، والشعير والهرطمان، والعدس، وغيرها. ومزروعاتهم هذه كلها على الأصول القديمة.

٥ - رسوم الحكومة وضرائبها

كانت الحكومة تأخذ سابقاً من هذه العشائر رسوماً كثيرة؛ وكانت كلها ثقيلة وهي التي حملت الكثيرين من رؤسائها على أن يندمجوا في العشائر الرحل هرباً من تلك الضرائب الفادحة؛ وبقيت اكثر الأراضي خراباً؛ ولو فتشت عن تلك الأراضي العامرة الآهلة بالسكان، لوجدتها اليوم اغلبها غامرة قفرة. ولو فتشت في دفاتر الحكومة لما وجدت فيها زيادة في الواردات بل نقصاناً، وأن كان ثم زيادة فما هي إلا من نماء موارد أخرى، أو من زيادة مكوس وضرائب. ولو أن الحكومة السابقة خففت من ثقلها ولم تستعمل العنف والشدة في تحصيلها، لعمرت اكثر الأراضي، ولعادت على الخزينة بالربح الكثير، والمال والغزير. ولو زادت على ذلك اتخاذ الوسائل الناجعة لوقايتهم من الغرق، فعمرت السدود، وشقت الجداول، وكرت الأنهار المندرسة، لما جاز لنا أن ننتقدها أو نطالبها بشيء. والأمل بهمة رجالنا الدستوريين الحاليين أن يتلافوا هذه الأخطار بأمرين: أما بإصلاح الأنهر وإنشاء السدود وشق الجداول، وأما بتخفيف الضرائب. وعندي أن العمل بالأول، يفيد

<<  <  ج: ص:  >  >>