معمر قال: كان عند الزهري حديثان عن عروة! عن عائشة في علي عليه السلام فسألته عنهما يوماً فقال: ما تصنع بهما وبحديثهما، الله أعلم بهما لأني أتهمهما في بني هاشم، قال: أما الحديث الأول - (أي حديث تكفير العباس وعلي) - فقد ذكرناه، وأما الحديث الثاني فهو أن عروة!! زعم أن عائشة حدثته قالت: كنت عند النبي - ص - إذ أقبل العباس وعلي فقال: يا عائشة أن سرك أن تنظري إلى رجلين من أهل النار!! فانظري إلى هذين قد طلعا، فنظرت فإذا العباس وعلي أبن أبي طالب!!) فلعل الأثري آثر عروة بن الزبير على غيره من أجل الأحاديث العظيمة!! وقال أبن أبي الحديد في ص ٣٦٠ (قال: وقد تظاهرت الرواية عن عروة بن الزبير أنه كان يأخذه الرمع عند ذكر علي عليه السلام فيسبه!! ويضرب بإحدى يديه على الأخرى ويقول: وما يغني أنه لم يخالف إلى ما نهي عنه وقد أراق من دماء المسلمين ما أراق!!) ونحن كلما
رأينا ما خطه الأثري زادت ثقتنا بقولنا: إن مرجع الدين هو الروح لا العقل. أما كون النفس أمارة بالسوء فأمر مجرب، وقل من محص دينه بعقله لأن النفس لا تدع لذلك مجالاً، وخرف وخلط من قال: إن العقلاء المهذبين براء من التعصب وهو لا يعرف مصدر الدين، أجل أن العقلاء يتفننون في كتم تعصبهم لا غير، فلو كان الدين بالعقل لا جمع العقلاء على دين واحد من متباين الشعوب. ههنا البلية العظمى والطامة الكبرى. فأنا لله وأنا إليه لراجعون ومنه نتطلب المعون.
مصطفى جواد
البخص
يظن بعض الشعوبية أن العربية قاصرة عن تأدية بعض المعاني العصرية. قال لي أحدهم:(عند الإفرنج لفظة يريدون بها تبييت اللحم الذي يراد أكله بحيث يأخذ بشيء من الانحلال. وكثيراً ما يفعلون ذلك بالتدرج. وإذا فات عليه الانحلال فقد يسم منه آكله ولا سيما في البلاد الحارة، ولم نر للعرب لفظة تؤدي هذا المعنى أي قلنا: هو البخص (بالتحريك ويجمع على أبخاص) ومنه قول المؤرخين: (مات الخليفة المهدي من أكله أبخاصاً)(راجع النجوم الزاهرة ٢: ٥٨).