للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأنبياء في ص ٢٦ من نسختنا:

(وكان آدم ربما اشتغل بأمر معيشته، فغفل عن الصلاة والتسبيح حتى لا يعرف الأوقات، فأعطاه الله ديكاً ودجاجة، وكان الديك أبيض، أفرق، أصفر الرجلين كالثور الكبير، يضرب بجناحيه عند أوقات الصلاة ويقول: سبحان من يسبحه كل شيء، سبحان الله العلي العظيم، وبحمده يا آدم الصلاة، يرحمك الله. فكان آدم يقوم عند صوته إلى الوضوء ويصلي صلاته، وكان ذلك الديك على باب منزله، فإذا خرج آدم إلى حرثه وزرعه، يسبح الله ويقدسه وصوت الديك على إبليس أشد من الصواعق.

(قال ابن عباس: أحب الطيور إلى إبليس اللعين، الطاووس؛ وأبغضها إليه الديك. فأكثروا في بيوتكم الديك، لأن الشيطان لا يدخل إلى بيت فيه ديك. وقال كعب الأحبار: إذا صاح الديك وقت الأسحار، نادى مناد في السماء من المخاطب في درجة الرضى: أين الخاشعون؟ أين الراكعون الساجدون؟ أين الحامدون الشاكرون؟ أين الموحدون المستغفرون

بالأسحار؟ - فأول من يسمع ذلك ملك من السماء على صورة الديك له زغب وريش، ورأسه أبيض تحت باب الرحمة، ورجلاه في تخوم الأرض السابعة السفلى؛ وجناحه منشور.

(فإذا سمع النداء من الجنة. يضرب بجناحيه ضربة ويقول: سبحان من خلق الرحمة التي وسعت كل شيء. من الذي يشتاق إلى الجنة، جنتك يا إلهي، دار النعيم؟. . .

(قال قتادة: أكثر طيور الجنة الديك، وإن الله تعالى خلق ديكاً إذا سبح تسبح الديوك كلها التي في الأرض، فيهرب منها الشيطان ويبطل كيده، فمن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يشتم الديك. . .) أهـ.

قلنا: يرى من هذا ما يحمل على الظن: إن اليزيدية - وأصلهم من المتصوفة بلا أدنى ريب على ما أوضحه حضرة الأستاذ العزاوي - كانوا يجلون الديك في أول أمرهم، تبعاً لعدي بن مسافر، ثم لما رأوا ما بين الشيطان والطاووس من الارتباط، عدلوا عن إكرام الديك وإجلاله إلى إكرام الطاووس. ونظن أن هذا التأويل وحده يجمع بين آرائهم الأولى، آراء سلفهم

<<  <  ج: ص:  >  >>