للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحمار أن يفند آراءه القائلة في نظرها. فقام الحمار ورد مزاعم الراهب في جميع مدعياته. ومن جملة ما قاله ما يأتي: (إن ما يسمى فضائل عند البشر ليست بها على الحقيقة، وإنما هي أوهام خيالية). وفي الآخر قام الراهب انسلمو ونزع آخر سهم كان في جعبته فقال: (لو كان الحيوان اشرف من الإنسان، لما تأنس المسيح، ولا تخذ صورة الحيوان.) سمعت الحيوانات هذا القول فسلمت له وخذل الحمار.

وبعد أن فصل الكاتب هذه المحاورة تفصيلا تاماً ووفى البحث حقه، انتقل إلى مأخذ هذه الحكاية، فاثبت أنها منتحلة من إحدى رسائل أخوان الصفا في البصرة، وكانوا فيها في نحو السنة ال ٤٠٠ من الهجرة، فأنهم وضعوا إحدى وخمسين رسالة، ليبسطوا فيها آراءهم في جميع المواضيع والمباحث العلمية والدينية: وفي جملة تلك الرسائل، رسالة فحواها مطابق لما وضعه أو اقتبسه الراهب انسلمو. وهي الرسالة الحادية والعشرون، وملخصها: إن الإنسان يستحق التقدم على الحيوان فقط، إذا سار بحسب الأحكام الأدبية والأصول الدينية

بلوغاً إلى الله الغاية القصوى وذلك مباشرة بلا واسطة.

فمشابهة حكاية أخوان الصفا لمحاورة انسلمو طرميدة، تظهر أن هذا الرجل قلد تقليداً أعمى لمن سبقه. وليس له فيها فكر جديد طريف، بل بالعكس أنه حرم الحكاية الأصلية رونقها اللغوي؛ ومعناها الأدبي، ولم يبلغ أبدا إلى محاسن الأصل الجليل، وليس فيها تلك الآخذة بالألباب، وذلك ما يتحققه كل من يقف على الروايتين.

أميل شبروته

١١٣ - بلاد الزنج أو ساحل أفريقية الشرقي في العصور

الوسطى

بقلم ل. مارسل دفيك.

أمامنا هذا الكتاب صاحبه يبحث عن بلاد الساحل الشرقي الأفريقي وأخلاق أهاليها وما ينتج فيها وما ذكر عن حيواناتها الخرافية، كل ذلك نقلا عن كتب الناطقين بالضاد. ولحسنه أجاز معهد العلم في فرنسة مؤلفه. وقد وجدناه حقيقية من الدواوين الحافلة بالفوائد والجديرة بالمطالعة والانتفاع بها.

<<  <  ج: ص:  >  >>